مبادرة اقتراح إرسال قوات عربية إلى سورية لضبط الأمور "المُتفلِّشة" ومنعها من الوصول إلى التمزق والحرب الأهلية، التي هي في حقيقة الأمر كانت قد بدأت منذ لحظة لجوء نظام الرئيس بشار الأسد إلى العنف والقوة العسكرية لمواجهة مطالب شعبه الإصلاحية، تستحق الإشادة وتستحق النظر فيها جدياً حتى وإن كان تطبيقها يعتبر من سابع المستحيلات ويحتاج إلى إعادة ترتيب المعادلة الإقليمية وإجراء تغييرات أساسية في أرقامها الحالية.
وأغلب الظن أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، عندما بادر إلى هذا الاقتراح الصعب والذي نظر إليه بعض العرب باستغراب واستهجان غير مبررين، كان يريد فتح الآفاق أمام تدخل دولي جدّي وسريع لتدارك الأمور ولوقف المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري منذ أكثر من عشرة أشهر، ولمنع الأمور من أن تتفاقم أكثر وأكثر وتعم الحرب الأهلية المدمرة البلاد، وبخاصة المناطق المتداخلة طائفياً وهي مناطق غدت معروفة.لقد أدرك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بعد تجربة المراقبين السيئة وتجربة الجامعة العربية البائسة بل والمخزية، أنه لا بد من صعقة كهربائية لإيقاظ كل من يهمه أمر سورية، الدولة العربية الأساسية والمحورية، وإفهامه بأن استمرار نظام الأسد في هذا الذبح الوحشي اليومي سيمزق هذا البلد وسيقحمه في حرب أهلية مدمرة وسيغرق الشرق الأوسط كله في الدماء وسيضع كل دُوَلهِ فوق زلازل مدمرة، وهذا ما قاله وكرره رئيس هذا النظام أكثر من مرة.لن يتفق العرب المختلفون، الذين يغني كلُّ واحد منهم على ليلاه، على إرسال قوات عربية إلى سورية وفقاً للاقتراح القطري، ما داموا قد بقوا خلال عشرة أشهر وأكثر يدورون في حلقة مفرغة ولم يفتح الله عليهم إلاّ بلعبة المراقبين، الذين لم يراقبوا شيئاً والذين تحولوا إلى "مسخرة" أمام العالم كله، وهذا بالتأكيد يعرفه الشيخ حمد بن خليفة ويعرف أكثر منه، لكنه، في ضوء انسداد الأفق واشتداد بطش النظام السوري بشعبه واندفاع الحالة السورية كلها نحو الحرب الأهلية المدمرة، لجأ إلى ما لجأ إليه لإفهام المجتمع الدولي أنه لا بد من أن يتدخل وبسرعة لأن ما يجري في سورية من غير الممكن تطويقه بالتدخلات الترقيعية البائسة التي لجأت إليها الجامعة العربية.
أخر كلام
نحو التدويل!
16-01-2012