مأساة... اسمها مستشفى مبارك

نشر في 08-03-2012
آخر تحديث 08-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي في الأسبوع الماضي أصيب أحد أقربائي بوعكة صحية أدخل على إثرها إلى مستشفى مبارك، فذهبنا لزيارته والاطمئنان عليه، وأوقفنا السيارة في المواقف التي تواجه المدخل القديم للمستشفى ثم بدأنا بـ"تسلق" الدرج الذي يتطلب منك مجهوداً غير عادي، ولما وصلنا إلى المدخل الذي يفترض أن يوجد فيه موظفو الاستقبال لإرشاد الزوار فوجئنا ببقايا مكتب وبعض الكراسي المحطمة التي يبدو أنها لم تستخدم منذ فترة طويلة.

لفت نظرنا وقوف ثلاثة رجال من جنسية آسيوية، المفترض أنهم من عمال النظافة، تقدم أحدهم منّا متسائلاً إن كنا بحاجة إلى "دليل" لإرشادنا إلى مكتب الاستعلامات، وأثار ذلك استغرابنا لكن سرعان ما تلاشى هذا الاستغراب عندما بدأنا رحلة العبور في الممرات الكئيبة والموحشة، وكأن إخواناً لنا من العالم الآخر اتخذوها سكناً لهم، فقد نخر الزمن رخام الأرضية وتلاشت ألوان الحائط، أما السقف "المنخفض جداً" فقد بدأت تتدلى من خلاله بعض الأسلاك، وأما الإضاءة فلها فصل آخر من فصول هذه المأساة.

وصلنا إلى مكتب الاستعلامات الموجود في مدخل "الطوارئ" وكان فيه شخص واحد أمامه شاشة كمبيوتر، أفادنا برقم الجناح والطابق، أما رقم الغرفة فالمسؤولون في الجناح هم من سيخبروننا بذلك. المهم واصلنا الرحلة في تلك الممرات و"الدليل الآسيوي الطبي" أمامنا، لفت نظري أخي إلى "الحدائق الداخلية" وإذا بها قد زرعت بأكوام من مخلفات البناء وأكوام من القمامة والأوساخ، وكم شعرت بالأسى والألم لهذا المنظر المفجع داخل المستشفى والذي من المفترض أن يكون في قمة النظافة.

وصلنا بحفظ الله إلى المبنى الجديد والمسمى للأسف الشديد بالتوسعة الأميرية، وهي لا تستحق أن تحمل ذلك المسمى، صعدنا إلى الغرفة بعد أن شكرنا "الدليل" مع إكرامه، ولن أصف الغرفة والأجهزة، فالأمر يحتاج إلى طبيب متخصص، لكن للوهلة الأولى تشعر أنها ليست بذلك المستوى، خطر على بالي في تلك اللحظة الأخ العزيز فؤاد الغانم "أبو محمد" عندما قمت بزيارته في مدينة "فزن بادن" بألمانيا وذلك للاطمئنان على ولده "خليفة" الذي كان يرقد في إحدى مستشفيات تلك المدينة، وعندما كنا نسير في ممرات المستشفى لفت انتباهنا تلك الألوان الساحرة، للجدران والأرضية من الرخام وكأنها من القوارير الممردة، أما الغرفة فكانت مجهزة بأحدث الأجهزة، والمدخل كان يشبه صالة الاستقبال "اللوبي" في أحد الفنادق "بسبعة نجوم" مع خدمة الإرشاد للأدوار والغرف والمصاعد.

بادرني الأخ "بو محمد" بتساؤل: لماذا لا تكون مستشفياتنا بهذا التنظيم والنظافة والتجهيز؟ دار هذا التساؤل في خاطري واصطدم بعلامات استفهام كبيرة، ولم أجد تعليلاً أو تعليقاً. ومع يقينى بأنه ليس من العدالة والإنصاف المقارنة بين مستشفى خاص في ألمانيا مع مستشفى حكومي في الكويت لكن هل ذلك مستحيل؟ أليس هناك وسائل يمكن اتخاذها للوصول إلى ذلك المستوى؟

وأحيل ذلك إلى وزير الصحة د. علي العبيدي، وهو من الشباب الذين نشعر معهم بتفاؤل بالتغيير إلى الأحسن إن شاء الله.

وعلى سبيل الذكر فقد استقبلت عام 2006 وعندما كنت سفيرا لبلدي في الأردن الشقيق وفداً من وزارة الصحة برئاسة الأخ عبدالكريم جعفر الوكيل المساعد في الوزارة للشؤون المالية والإدارية وذلك بهدف الاطلاع على مدينة الحسين الطبية في عمان لوضع دراسة لإنشاء مدينة طبية في الكويت، وبالفعل قمنا بزيارات متعددة لمدينة الحسين واجتمعنا مع الإدارة والهيئة الطبية، ولكن منذ عام 2006 حتى عام 2012 تحولت المدينة الطبية في الكويت إلى "بيض الصعو".

وهناك حقيقة لا بد من ذكرها، فالنقد لا يعني بالضرورة كسر "المجاديف" وهدم الهمم، بل يعني بالتأكيد التحدي وشحذ الهمم، وما أتمناه أن يقوم أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس الأمة الذين حملوا الأمانة التي أبت السموات والأرض أن تحملها باستقطاع من أوقاتهم ساعة من نهار لزيارة مرافق الدولة والفزعة للوطن أولاً وأخيراً لا شيء قبله ولا شيء بعده.

حفظ الله الكويت وقياداتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top