شاعر اللحظة الحالمة توماس ترانسترومر 1-2
حين منحت الأكاديمية السويدية الخميس الماضي جائزة نوبل للآداب لهذا العام للشاعر السويدي توماس ترانسترومر الذي يبلغ ثمانين عاماً، فوجئ الشاعر بالنبأ عند تلقيه خبر الفوز، وانه كان كعادته يستمع إلى الموسيقى وهو شاعر يجيد العزف على البيانو بيده اليسرى منذ إصابته بالسكتة الدماغية في مطلع التسعينيات، فأصيب بالشلل وفقد القدرة على النطق، وفي حيثيات منح الجائزة قالت الأكاديمية السويدية إن ترانسترومر حاز الجائزة «لأنه من خلال صور مركزة وواضحة، يعطينا منفذا جديدا على الواقع». وفي تعليق على الجائزة قال الأمين العام للأكاديمية بيتر انغلوند: «يتناول الموت والتاريخ والذاكرة التي تحدق بنا وتزيد من قيمتنا، لا يمكننا أن نشعر أبداً بالصغر بعد قراءة شعر ترانسترومر». وأضافت الاكاديمية أن «غالبية دواوين ترانسترومر الشعرية تتسم بالإيجاز والوضوح والاستعارات المعبرة».هذا ويذكر بأن اسم ترانسترومر كان مطروحاً منذ عام 1993 ولم يفز بهذه الجائزة أي سويدي منذ عام 1974 حين منحت الأكاديمية السويدية آنذاك الجائزة لسويديين اثنين هما ايفيند جونسون وهاري مارتنسون، ولد ترانسترومر في استوكهولم عام 1931 وحصل على شهادة في علم النفس عام 1956 ومارس مهنته في المعهد النفسي التقني في جامعة استوكهولم وبهذه الجائزة يأتي تراسترومر بعد الروائي -البيروفي ماريو فارغاس يوسا الذي فاز بها في العام الماضي. وفي السنوات القليلة الماضية صدرت للشاعرالسويدي الكبير توماس ترانسترومر الاعمال الشعرية الكاملة في ترجمتها العربية. وقد انجزها قاسم حمادي وراجعها وكتب مقدمتها ادونيس الذي كان مرشحاً بقوة للفوز بها هذا العام، وقد تزامنت هذه الترجمة التي ظهرت عن دار «بدايات» مع اقامة احتفالين كبيرين آنذاك في دمشق وبيروت، بحضور الشاعر السويدي وزوجته، ويبدو ان العرب قد بدأوا في السنوات الماضية الاهتمام بأحد أهم شعراء اسكندنافيا، فقد انجز العراقي علي ناصر كنانة ترجمة منتخبات من اعماله بعنوان (ليلاً على سفر) ظهرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وأعرف بأن الشاعرالصديق باسم المرعبي قد ترجم له ايضا بعضا من نصوصه الأخيرة، ونشرت في أكثرمن موقع إلكتروني من ضمنها قصائد سماها ترانسترومر (هايكو). في شعر توماس ترانسترومر تنبثق صور الاحلام من الماضي والحاضر المعاش، كما ينبثق الماء من نبع قديم، صور طفولة وغياب وصور ارتحالات وامكنة لكن في شعره ايضا قوة حضور الاشياء في الطبيعة وتشكل الطبيعة في شعر ترانسترومر بوجه خاص والشعرالسويدي بوجه عام قوة بداهة العيش وينفتح هذا الشعر على مطارح تحتفل بالحياة. وفي المقدمة التي كتبها عنه ادونيس يفصح هذا الأخير عن الابعاد الجمالية، وقوة المخيلة واستخدام المجاز في شعر ترانسترومر: «للقصيدة عند توماس ترانسترومر حضور واقعي يلمس فيه نبض الاشياء بتفاصيلها ومجازي يتحول فيه الواقع الى مخيلة». الشاعر مشلول واخرس، العينان الوحيدتان الطفوليتان عندما كان شابا تحملان الرسالة التي وصلت أخيراً. كان الشاعر جوزيف برودسكي الحاصل على جائزة نوبل، أنه شاعر من الطراز الأول ويعترف بأنه قد استفاد من صور ترانسترومر الشعرية، وفي شعره تبدو صور الغياب أكثر كثافة ممزوجة بصور الارتحالات ففي قصيدة دلتا النيل في مجموعة السماء غير المتكلمة يظهر الصوت الانساني عبر رحلة أشبه بالحلم.
كان في رحلة بحرية ظهرت حركة في الماء الرماديوصوت قال: ثمة من هو طيبثمة من يستطيع رؤية كل شيء دون كراهية.