في الأحداث الكبرى دائماً يتم طرح أسئلة حول مسارات تلك الأحداث، كيف، ومتى، ولماذا، ومن. ومن الملاحظ أن الكثير من تلك الأسئلة يظل بلا إجابة. وربما تعلمنا من التاريخ ألا نتحمس للمعلومة، فالكثير من المعلومات يشوبه الغموض دع عنك التدليس. بالطبع لا يعني ذلك أن يتوقف الباحثون عن الحفر والتمحيص.

Ad

«أزمة الكويت» أو أحداث استقلالها في 1961 ليست استثناء. هناك الكثير من الأسئلة والقليل من الإجابات المنطقية، إلا أنه لا مانع من سبر غور تلك الحقبة لكي نفهم ما تلا ذلك من أحداث، محاولين الإجابة عن الأسئلة المشروعة.

السؤال الأول يرتكز بالأساس على مصداقية مطالبة عبدالكريم قاسم بالكويت، فمن المعروف أنه أعلن في مؤتمره الصحافي في 25 يونيو 1961 رفضه استقلال الكويت ومطالبته بعودتها، وقيل حينها عن بدء تحرك قوات عسكرية نحو الكويت لاستعادتها بالقوة، فإذا كان قاسم جاداً حينها، فلماذا يعلن مزاعمه في مؤتمر صحافي وهو الذي اشتهر عنه التكتم والسرية في كل تصرفاته وسلوكه، بل إنه ينقل عنه دوماً قوله إنه لولا حفاظي على السرية في كل شيء لما نجحنا في القضاء على الملكية. وما هي أسباب التناقض والتضارب في تقدير الموقف في مكاتبات ومراسلات وبرقيات الأطراف البريطانية المختلفة؟ فهل كان هناك تحرك عسكري عراقي فعلاً؟ وبما أن كل الأدلة والوثائق تتجه إلى أنه لم يكن هناك تحرك عسكري، فهل كانت الادعاءات التي أطلقها قاسم والضغط الذي مارسته بريطانيا على الشيخ عبدالله السالم لكي يطلب قوات عسكرية بريطانية متفقا عليها بين قاسم من جهة والسفير البريطاني في بغداد همفري تريفيليان من جهة أخرى، وهو السفير المحنك؟ ولماذا ظل الشيخ عبدالله السالم يرفض استدعاء قوات بريطانية في بادئ الأمر حتى رضخ في آخر الأمر؟

سنحاول بما توافر من معلومات الإجابة عن هذه الأسئلة فقد تكون الإجابات مفيدة، لفهم السلوك السياسي في الكويت تجاه الغزو الذي تم في الثاني من أغسطس 1990.