صُداع لبنان الدائم!

نشر في 03-07-2011
آخر تحديث 03-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 عبدالمحسن جمعة صُداع لبنان مستمر ودائم ومتفاقم ولا جدوى من علاجه، سواء صدر قرار اتهامي أم سقطت حكومة وشُكلت غيرها، إنها حالة ميئوس منها، وتجربة تعايش للطوائف وتركيبة دولة باءت بالفشل، منذ صياغتها وإنشاء لبنان الكبير عام 1920، صُداع لبنان المضر والمؤذي للعرب متواصل، بل الأخطر أنه ثبت أنه يشكل تهديداً دائماً للأمن القومي العربي، فطالما كان لبنان المحطة الرئيسية لاستخبارات الدول المعادية والصديقة لسهولة تجنيد العملاء فيه وسهولة اختراقهم من أرض الأرز إلى كل الدول العربية، واليوم في حلقة الأذى الجديدة لأمته، أصبح لبنان قاعدة للتشيع السياسي الإيراني الذي ترفضه غالبية الطائفة الشيعية العربية الكريمة لأنه يشكل تهديداً جدياً للأمن القومي العربي.

والمفارقة أن لبنان القاعدة الإيرانية الحالية بعد سيطرة حزب الله على الحكم فيه، تُمول عملته ويُدعم اقتصاده بالودائع والمساعدات والاستثمارات الخليجية، والأخوة السعوديون بواسطة صديقهم الشهيد رفيق الحريري وبعون من الكويت ودول خليجية  قاموا بإعادة إعمار لبنان وصرف المليارات من الاستثمارات فيه بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، ليتسلمها حلفاء طهران كاملة المرافق والبنية التحتية.

 والغريب أن لبنان حتى اليوم يعيش على استثمارات الخليجيين والقوة الشرائية لهم التي تحافظ على أسعار العقارات والأصول المختلفة فيه دون انهيارات كبيرة بسبب أنه بلا مؤسسات الدولة الفعلية من قضاء مستقل وأمن وخلافه.  والملاحظ أيضا هو عقدة النقص التي يعانيها أغلبية الخليجيين تجاه لبنان والتي يحاولون سدها بمحاولات فرض أنفسهم على ساحته والتفاخر و«التفشخر» بإمكاناتهم المالية والسياسية عليه، رغم أن السوابق تقول إن مضار الوجود على هذه الساحة أكبر بكثير من فوائده، والعاقل هو من يتعظ ويبتعد عنها.

لبنان يا أشقاءنا الخليجيين سفينة تغرق، وإذا لم ينقذها أهلها الذين هم على متنها فلا رجاء لإنقاذها، فلماذا ندس نحن أنوفنا بضخ أموالنا واستنزاف جهودنا ورصيد علاقاتنا السياسية الدولية لإنقاذه ليكون بعد ذلك قاعدة للحرس الثوري الإيراني في حديقتنا الخلفية، وما الذي يجعلنا نتعامل مع سياسيين بمثل مصداقية وشجاعة وصلابة وليد بك جنبلاط؟!... أو نتعامل مع بلد فيه زعامات قريطم وحارة حريك وعين التينة ومعراب والمختارة والصيفي والرابية وكل واحد فيها «بيطرق» خطابات من مرابعه ليثبت أنهُ زعيم العشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومترا مربعا؟!

والحقيقة فإن من يسيطر على لبنان حاليا لا يراعي عهداً ولا يفي بوعد، فقد أسقط اتفاقات الـ»س-س» في لحظات، وألقى بأوراق اتفاق الدوحة في سلة المهملات دون أي اكتراث أو احترام لمن استضافه وضمن تعهداته، لذلك فإن مصلحتنا وأمننا القومي يتطلب من الحكومات الخليجية على الفور سحب كل ودائعها في البنك المركزي اللبناني ووقف أي ضمانات ممنوحة للحكومة اللبنانية لدى المؤسسات المالية والتجارية العالمية، وخفض التمثيل والبعثات الدبلوماسية في بيروت إلى أدنى الحدود ووقف المنح الدراسية هناك، فأنا لا أتصور أن يبقى مكتب الصندوق الكويتي للتنمية مفتوحاً في بيروت ويصرف الملايين في ظل وجود حكومة تحمي إلياس صعب أو مصطفى بدر الدين أو سامي عيسى أيا كان اسمه الحقيقي والآخر المستعار، وهو الذي ملأ الكويت بالدم في تفجيرات 1983 وكان ركيزة الخلية التالية التي حاولت قتل أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد في عام 1985 ومأساة اختطاف «الجابرية» وشهدائها في 1988.

back to top