نواب المعارضة السابقون أو من تبنى شعاراتهم في الإصلاح ومحاربة الفساد وتفعيل التنمية تقع عليهم مسؤولية ترجمة ما نادوا به عملياً، ومن خلال تشريعات متكاملة، ونهج جديد يضفي ارتياحاً شعبياً على الأمل الذي ينتظره محبوهم ويتحداهم به خصومهم.

Ad

لعل من أكبر التحديات التي تواجه جبهة المعارضة السياسية في مجلس 2009 هو ترجمة العنوان الرئيس لمفاهيم الإصلاح والنهج الجديد والوحدة الوطنية على أرض الواقع والثبات على وحدة هذه الجبهة وتماسكها أثناء الحملة الانتخابية وبعد ظهور نتائجها.

وأعتقد جازماً أن مثل هذا التحدي الذي يواجه من سيحالفهم التوفيق في السباق السياسي، من نواب المعارضة وبقية المرشحين الذين كانوا على الدوام من مؤيدي هذا التوجه، خصوصاً من شباب الحراك الشعبي، لا يقل أهمية عن المحك الذي ستكون عليه حكومة فبراير 2012 إن لم يكن حتى أكبر منه.

فالحكومة وأعضاؤها سيأتون بالتعيين المباشر ومن قبل شخص واحد هو رئيس مجلس الوزراء، وعليه تقع مسؤولية اختيار فريق متجانس ومتفق على رؤية مشتركة ونهج موحد، وللرئيس المكلف أن يشترط على وزرائه القبول بخطة عمله وأولوياته وبكل تفاصيلها ابتداءً وكمقدمة لضمهم إلى وزارته.

ولكن النواب في المقابل سيكونون حصيلة اختيارات دوائر مختلفة وأذواق شتى ومعايير متعددة، ومن مشارب وتيارات متنوعة قد يتفاوت معها سلم الأولويات وتحديد المصالح العامة، أما نواب المعارضة السابقون أو من تبنى شعاراتهم في الإصلاح ومحاربة الفساد وتفعيل التنمية فتقع عليهم مسؤولية ترجمة ما نادوا به عملياً، ومن خلال تشريعات متكاملة، ونهج جديد يضفي ارتياحاً شعبياً على الأمل الذي ينتظره محبوهم ويتحداهم به خصومهم، ولهذا فإن ما يعرف بوثيقة الشرف التي تم الإعلان عنها يجب أن يتم التمسك بها والتعهد بالالتزام بمضامينها بعد الثاني من فبراير مباشرة.

وهذه الوثيقة يفترض أن تشمل حزمة من القوانين الخاصة بمكافحة الفساد، والكشف عن الذمة المالية، واستقلالية القضاء، ومعايير شغل الوظائف القيادية، وتمويل خطة التنمية ومراقبة تنفيذها والحرص على مواعيدها الزمنية كباكورة انطلاقة المرحلة القادمة.

أما الحزمة الأخرى من الاقتراحات فيجب أن تنصب على تعزيز أواصر الوحدة الوطنية، وإعادة بناء النسيج الكويتي القائم على ثقافة المواطنة، والمحافظة على سلطان القانون وهيبته، فالجراح التي تسببت بها حالات الاحتقان والاصطفافات بأشكالها المختلفة لا شك أنها عميقة جداً، ومازالت تنزف، وبات الجميع بأمس الحاجة إلى ضمادها.

ونواب مجلس 2012 بشكل خاص لا سيما من الأطياف والشرائح المختلفة يتحملون أعظم المسؤولية في تحمل هذا الدور، ونواب المعارضة تحديداً يفترض أن يكونوا القدوة والمبادرين في ذلك لكي يسهل على الجميع مهمة التسويق لتلك الشعارات والعناوين الجميلة التي رفعتها، وتلك الأهداف والتطلعات المهمة التي رغم نبل معانيها وسمو تطلعاتها والأمل الكبير المعقود عليها، فإن ضربها والتشكيك في القدرة على ترجمتها عملياً عادة ما يختزله البعض في تصريح عابر أو خطاب يحمل روح الاستفزاز للآخرين، أو مسلك من شأنه تهييج عواطف البسطاء ليتحول الأمل والتفاؤل إلى كابوس يرعب الجميع!