عندما أعلنت الكويت استقلالها عن بريطانيا في 19 يونيو 1961 أعلن رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم أن ذلك الاستقلال باطل، وأن الكويت لم تكن إلا قضاءً سليباً تابعاً لولاية البصرة. وعلى إثر ذلك طلبت الكويت من بريطانيا مساندتها عسكرياً فجاءت القوات البريطانية ضمن عملية «فانتج» ورابطت في منطقة الروضتين الشمالية، وفي إطار التحرك الدبلوماسي ولإثبات مصداقيتها، دعت الكويت إلى تشكيل قوات عربية لتحل محل القوات البريطانية، وهكذا كانت، حيث شكلت جامعة الدول العربية قوات عربية من السعودية والأردن وتونس ومصر والسودان، لتغادر القوات البريطانية بشكل نهائي في أكتوبر، ومن ثم بقيت القوات العربية مدة عام لكي تغادر البلاد.

Ad

ورغبةً في تدعيم الجاهزية العسكرية الكويتية تم إنشاء الكلية العسكرية في الكويت بالاتفاق مع القوات المسلحة السودانية بسبب أنها كانت تتبع المنظومة العسكرية البريطانية، وهكذا كان أول رئيس للكلية العسكرية في الكويت من الجيش السوداني، وكذلك كان مجمل طاقم التدريب، لكي يضمن البريطانيون استمرار ارتباط الكويت عسكرياً من حيث التدريب والتجهيز والتسليح ببريطانيا.

وهكذا انتهى الجانب العسكري المحتمل من أزمة استقلال الكويت بأقل الخسائر الممكنة. ولم يكن معلوماً، إلا في خانة الافتراض بالطبع، ماذا كان سيحدث لو لم تستدعِ الكويت القوات البريطانية ومن ثم القوات العربية، إلا أن الملاحظ رغم وضوح مداخل ومخارج الإشكالية العسكرية وسهولة الانتهاء منها، فإن المعركة الدبلوماسية لم تكن بتلك السهولة والانسيابية.

ومع صغر حجم الكويت وعدم وجود جهاز لإدارة شؤونها الخارجية، إلا أن التحرك الكويتي كان جاداً ومركزاً وحصيفاً. المعركة الدبلوماسية تحركت في ثلاثة اتجاهات، الأول كان بتشكيل وفد رفيع برئاسة الشيخ جابر الأحمد- رحمه الله- لزيارة عدد من الدول العربية، والثاني كان بالتباحث مع جامعة الدول العربية والتي تكللت بالنجاح بقبول الكويت عضواً في الجامعة على الرغم من اعتراض العراق. حيث كان للرئيس جمال عبدالناصر دور فاعل بهذا الصدد. كما كان لقيادات حركة القوميين العرب في الكويت مثل د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي دورهما في إقناع المحيط العربي بأحقية الكويت باستقلالها.

إلا أن ذلك النجاح في المحيط العربي لم يواكبه ذات التقدم في المحفل الدولي، حيث فشلت الكويت في تحقيق طموحها بالدخول في عضوية الأمم المتحدة وذلك بسبب استخدام الاتحاد السوفياتي لـ»الفيتو» ضد عضوية الكويت.

ومن ثم لم تدخل الكويت الأمم المتحدة عضواً كاملاً إلا بعد سقوط نظام عبدالكريم قاسم في 1963، وتغيير الاتحاد السوفياتي لموقفه، وبالتالي قبول الكويت عضواً بعد سنتين كاملتين من استقلالها.

تفاصيل تلك المعركة الدبلوماسية وتشعباتها قد تساعد في فهم طبيعة النظام السياسي الكويتي الذي تشكل بعد الاستقلال.

للحديث بقية