لعل المخرج الوحيد للأزمة أن يتم حبس أعضاء مجلس الأمة، وأقول ذلك طبعاً من باب التهكم السياسي المضحك والمبكي في نفس الوقت، وبغض النظر عمّا سيصدح به القضاء، فكما في المباراة التي يطرد فيها أغلبية اللاعبين بـ«الكرت الأحمر» فتنتهي تلقائياً يمكن لمجلس الأمة أن ينحل من تلقاء نفسه لو سجن عدد من نوابه.

Ad

مرة أخرى العناد السياسي سيد الموقف، والتصعيد والتصعيد المقابل سيشكلان المشهد العام على الساحة، والنزول إلى الشارع لاستعراض القوة وبيان الزخم الشعبي والجماهيري سيعيدان نفسهما في منظر يبعث على الكآبة والقلق وربما الخطورة الكبيرة، وشرارة واحدة عفوية كانت أو خبيثة ومتعمدة، لا قدر الله، قد تقود البلد برمته إلى منزلق مرعب.

الدائرة السياسية أصبحت مغلقة، ومن يغلقها بإحكام هذه المرة هو التعصب الواسع النطاق الذي بات يضيِّق الخناق على طرفي المعارضة والحكومة على حد سواء، ويجعل من أي تنازل ومن أي طرف بمنزلة خسارة وتراجع غير مقبولين شعبياً، وبمعنى آخر أصبح لكل فريق جمهوره الذي يشجع بحماس، وكأننا في مباراة ديربي، وهذه المباراة لا تخلو بحد ذاتها من أهداف مرة في شباك الحكومة وأخرى في مرمى المعارضة، وشوط يكون فيه الفريق المعارض مسيطراً على اللعب وبضغط متواصل، وآخر يضغط خلاله الفريق الثاني، والجمهور ما بين صيحات لا تتوقف من الاستهجان والاستحسان والشتم والمديح للطرفين وعليهما، ثم ينزل بعض المشجعين إلى أرضية الملعب ويكسر المدرجات ليتوقف اللعب لبعض الوقت ثم يستأنف بشراسة من جديد!

وتبعاً لقواعد اللعبة حيث لا يتوقع حل مجلس الأمة من جهة، ومن جهة أخرى لن تسقط الحكومة لأن رئيس الوزراء لن يصعد المنصة من جديد، خصوصاً بعد أن اتضحت له الرؤية السياسية وحسمت كتلة العمل الوطني موقفها في إطلاق رصاصة الرحمة بخمس رصاصات كافية بل زائدة على الحد المطلوب لحجب الثقة عنه، سندور في ذات الدوامة من جديد وبالتأكيد ستتكرر سيناريوهات الأسبوع الماضي بأيامه السوداء سواءً يوم الثلاثاء عندما وئد الدستور، أو الأربعاء عندما تم اقتحام بيت الدستور، فما المخرج وما الحل؟

لعل المخرج الوحيد لهذه الأزمة وتبعاً لمثال مباراة الديربي الذي ضربناه أن يتم حبس أعضاء مجلس الأمة، وأقول ذلك طبعاً من باب التهكم السياسي المضحك والمبكي في نفس الوقت، وبغض النظر عمّا سيصدح به القضاء، فكما في المباراة التي يطرد فيها أغلبية اللاعبين بـ"الكرت الأحمر" فتنتهي تلقائياً، يمكن لمجلس الأمة أن ينحل من تلقاء نفسه لو سجن عدد من نوابه، وهذا ما أصبح شعار جمهور كل من فريق المعارضة والموالاة تحقيقاً للعدالة وانتصاراً للقانون والدستور.

فلو حسبنا عدد النواب المحالين إلى النيابة اليوم، اللهم لا شماتة، لوجدنا أنهم يصلون إلى عشرين نائباً، إما بسبب الإيداعات المليونية وإما بسبب اقتحام قاعة "عبدالله السالم"، وبالتزامن مع حبس هؤلاء النواب يتقدم ثلاثة عشر نائباً بتقديم استقالاتهم فيفقد المجلس أغلبية أعضائه نهائياً وينفرط تلقائياً، ونسجل بذلك سابقة ديمقراطية أخرى وبأحرف من نور في تاريخ الكويت السياسي، وكفى الله الكويتيين شر القتال!