برلمان اطلعلي بالهَدّة
في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وعندما كان حزب المحافظين البريطاني يمتلك حضوراً قوياً لدى البريطانيين، سُئل أحد مرشحي الحزب: هل تتوقع حصول حزبكم على أغلبية المقاعد في هذه الانتخابات؟ فأجاب: "للأسف" نعم! وهنا تعجب المُحاور من الجواب، فرد عليه المرشح "أخشى أن استمرارنا في الحصول على الأغلبية أن يُنسينا كيف نكون معارضين"!نعم، هذا تحديداً هو "النضج السياسي" الذي يفتقده معظم سياسيينا، ففي كل البرلمانات الناضجة توجد هناك أغلبية أو ائتلاف أغلبية يقوم بتشكيل الحكومة التي تسيطر على زمام الأمور، فتطرح المشاريع وتقنن وتُشرع وتنفذ بكل أريحية لأنها باختصار هي الأغلبية. كما توجد في المقابل أقلية تشكل المعارضة أو حكومة الظل.
وبعد توزيع الأدوار تبدأ هذه الأقلية "بالمداحر" ومحاولة كشف أدنى خلل أو إخفاقة أو "عذروب" لدى هذه الأغلبية مهما كبر أو صغر، لكي تستغل تلك الأخطاء لمصلحتها في الانتخابات التشريعية اللاحقة.أما في الكويت، فديمقراطيتنا التي تم استيرادها من الغرب مروراً بالقاهرة التي قامت بتعريبها، وانتهاءً بالكويت، حيث وضع المشرع الخصوصية الكويتية بعين الاعتبار، لينتج لنا مجلساً تشريعياً ذا أغلبية منتخبة، وأقلية معينة يقوم رئيس الحكومة باختيارها بعد تكليفه من أمير البلاد، وهنا يأتي التحدي الكبير أمام الرئيس لتكوين أغلبية "متغيرة" بعد تشكيل الحكومة. فلا نختلف هنا على ضرورة تطوير العمل البرلماني بتشريعات مهمة، إلا أن مشكلتنا تتلخص في عدم استثمارنا لخمسين سنة من العمل بالدستور، فنحن اليوم نمتلك ديمقراطية ونفتقد للديمقراطيين، ولدينا برلمان بلا برلمانيين، ونختزل العمل السياسي في فترة الانتخابات!فأعضاء مجلسنا يتصرفون وكأنهم في مباراة كرة قدم لا يسعون فيها إلى تسجيل الأهداف بقدر الاستعراض، فلا المعارضة تستوعب معنى المعارضة ولا الموالاة أو "الأغلبية" بأفضل حال، فالأولويات لا تتعدى "لقلقة" اللسان، والصبيانية بالتعامل قد تجعلنا قريباً نسمع مفردة "اطلعلي بالهدة" تأتي من أحدهم، ويأتي الجواب "قعدوا عجّال"!خربشة:: بعد تنقيح المادة (79)، متى يقرون قانون "الجزية"؟!