كلمات كنت كتبتها منذ عام في نفس الموعد، ووجدتها تصلح اليوم تماماً، فقد رحل معرض الكتاب الدولي بالأمس، ونفس الأفكار راودتني خلال أيامه ومن بعده.

Ad

كانت لي خلال أيام المعرض، وقبيله ولله الحمد بعض الأنشطة الفردية المرتبطة بهذه الاحتفالية السنوية الجميلة، إيمانا مني بأن على كل من يستطيع القيام بشيء ما مفيد أن يقوم به، وأن التغيير والتطوير في المجتمعات الحية دائماً ما كانا يبدآن بالجهود الفردية، وعلى مستوى النفس دائماً، لأن القعود وتعليق الأمر كله على مشجب رداءة وتقصير الآخر، كائناً من كان، لن يوصلا إلى شيء على الإطلاق.

لهذا فقد قمت بالكتابة عن معرض الكتاب في هذه الزاوية، وفي مدونتي ومن خلال "تويتر"، وقمت بترشيح الكتب المقترحة للاقتناء من خلال "تويتر" فلاقت ولله الحمد قبولاً حسناً ورواجاً بديعاً، أدى إلى نفاد أغلبها، إن لم يكن كلها، وشاركت في ندوة وورشة عمل، من ضمن الأنشطة الثقافية التي أقامها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مشكوراً على هامش معرض الكتاب.

أدرك أن هذه الأنشطة قد تبدو صغيرة جداً في عين البعض، وأنه قد يراها بمنزلة قطرة في البحر، لكنني على العكس من هذا أومن بالمثل الصيني الذي يقول: "قطرة بعد قطرة صنعت المحيط العظيم"! هذه الأنشطة، هي ما استطعت تقديمه وفعله على مستواي الفردي إيماناً بدوري كمثقف وقارئ فرد وناشط في محيطه ومجتمعه، وهو ما أفعله وسأستمر بفعله بإذن الله، وليفعل غيري، كل من مكانه ووفق قدرته وبما يملك من موارد ما يستطيع فعله، وأنا واثق تماماً أنه لو أن كل واحد منا كنس أمام بيته وفي تلك المساحات التي يستطيع الوصول إليها دون أن يطأ على قدم أحد، لأصبح عالمنا كله مكاناً نظيفاً!

زميل عزيز قال، لن أذهب إلى معرض للكتاب ليس فيه إلا كتب الطبخ والسحر وتفسير الأحلام، وهذه عبارة متكررة صار يرددها كثيرون، لكن الحقيقة أن الكثير منهم من يحاولون مداراة جهلهم وقلة ثقافتهم بادعاء المقاطعة، في حين أنهم في الواقع بعيدون كل البعد عن القراءة الحقيقية بكل أشكالها، ولعل منهم زميلي العزيز هذا.

لكن الواقع، أنه وعلى الرغم من كل ما قيل، مما يقال كل عام، عن موضوع الرقابة، وحرمانها للقارئ من عناوين مهمة، فإن العقلاء قد وجدوا في المعرض، ككل عام أيضا، الكثير الكثير مما استحق الاقتناء والقراءة.

كانت هناك في معرض هذا العام، عناوين مدهشة ومثيرة للفكر ومنيرة للعقل وبالعشرات، ولو أن البعض ممن يقولون بعكس هذا، قد كلفوا أنفسهم بعض العناء للذهاب والتصفح والاختيار، هذا لمن أراد منهم الوصول إلى المعرفة حقا، لظفروا بالكثير من هذه العناوين، والتي كانت ستغنيهم، ربما طوال عمرهم!