قبل عامين كتبت مقالاً بعنوان «الرصيد صفر»، جاء فيه:

Ad

«هل هناك عداوة بين المواطن البسيط والحكومة تجعله يفرح ويشمت بها كلما هاجمها النواب؟!

الواقع أنه ليس هناك عداوة أو ثأر شخصي بين المواطن والحكومة، إنما المشكلة في الحكومة نفسها، في أدائها غير المقبول عند الغالبية العظمى من المواطنين، في رصيدها المتضائل من المحبة في قلوبهم يوما بعد يوم، حتى ليكاد يقترب من «الصفر» في أعوامه الأخيرة، وحالهم معها كما يقول المثل المصري «أفتكر لك إيه يا بصلة.. وكل قشرة فيكي بدمعة»!

مشكلة الحكومة أنها في ظل صراعها الدائم مع المجلس ونوابه، والذي تحول إلى مسلسل مكسيكي عنوانه «حرب المصالح الشخصية»، نسيت أو تناست أن مهمتها الأولى والرئيسة هي رعاية المواطنين وتطوير الخدمات المقدمة لهم، نسيت أن تجعل تعليم أبنائهم أفضل، وأن توفر لهم رعاية صحية تليق بهم، نسيت أن توسع الطرق وتخفف الزحام اليومي، نسيت أن تقلص مدة انتظار السكن الحكومي، نسيت أن تراقب الأسعار، نسيت أن تعيد للأمن هيبته وتطبق القانون على الجميع، نسيت أن تحل مشاكل العمالة السائبة والتركيبة السكانية المختلة، نسيت... ونسيت... ونسيت...!

أرجوكم... إن كان هناك من «يمون» منكم على الحكومة، ليأخذها على جنب وليهمس في أذنها ناصحا: إن أزماتها المستمرة مع مجلس الأمة هي في الأساس نتاج أزمتها مع مواطن غير مرتاح في عيشته، وإن وجود نوعية مشاغبة من النواب في المجلس ما هو إلا انعكاس لمشاعر مواطنين غاضبين تجاهها وتجاه أدائها الضعيف وتجاهلها لمطالبهم، ولأن المواطن الغاضب لن يصوت في الانتخابات سوى للمرشح الغاضب مثله، فهو القادر على التعبير عن مشاعره تجاه الحكومة!

أمر مؤسف أن تضيع الحكومة وقتها في تحقيق الانتصارات السياسية على هذا النائب أو تلك الكتلة، دون أن تدرك أن انتصارها الحقيقي سيكون في إرضائها للمواطن البسيط، فهو وحده، من سينتصر لها في أي انتخابات قادمة إن تمكنت من تحسين أوضاعه وطورت له الخدمات الأساسية التي يحتاجها، أما إن تجاهلته وتناسته وتحول رصيدها مع الأيام في قلبه إلى «صفر» كبير، فلا راحة ترتجى منها أو لها في مستقبل قريب أو بعيد!»... انتهى.

أهدي هذه الفقرات السابقة إلى سمو رئيس الوزراء الجديد ليتجنب أخطاء من سبقه، ويسعى إلى تغيير نهج الحكومة وأولوياتها، وأن يبدأ بزيادة رصيده من المحبة عند المواطنين بالاهتمام بمطالبهم وتلبية احتياجاتهم، وأن تكون الأولوية لديه هي رضا المواطنين لأنه الدرع الحصين له ضد أي هجوم من قبل النواب المؤزمين، فالناس سيتجاوزون أي أخطاء أو تجاوزات بسيطة ما داموا يرون أمامهم الإنجازات الحكومية تتحقق وتتوالى، والناس يحبون من يعمل ويجتهد وإن أخطأ، ويكرهون الكسول واللامبالي والمهمل، والنواب انتصروا في صراعهم مع الرئيس السابق لا لكفاءتهم إنما لسوء أداء حكوماته، ولأنه أمضى جل وقته في التكتيكات والمناورات بحثا عن الانتصارات السياسية على خصومه متناسيا مهمته الرئيسة في بناء الوطن وخدمة المواطن، وقد رأيت كم كان هذا الخطأ فادحاً، وكم كانت كلفته كبيرة عليه!

نريد عهدك يا سمو الرئيس عهد إنجاز وعمل، وهذا لن يتحقق إلا بـ«نفضة» شاملة للمسؤولين عن الفشل طوال الفترة السابقة والذين يقبعون في مناصبهم منذ 30 عاما وأكثر من وكلاء الوزارات وكبار المسؤولين، وتجديد الدماء بالشباب المتعلم والكفؤ وصاحب الإبداع والتميز، لن يتحقق سوى بتفعيل أدوات الرقابة على من استمرؤوا سرقة المال العام وإحالتهم إلى القضاء كي يكونوا عبرة لغيرهم، لن يتحقق الإنجاز سوى بالتعاون التام مع مجلس الأمة والأعضاء الشرفاء فيه لا بشراء الولاءات السياسية عبر المعاملات والوساطات والمال السياسي، لن يتحقق الإنجاز سوى بالرغبة العارمة في التفوق على من سبقنا من الدول المجاورة وجعل الكويت مرة أخرى عروس الخليج التي نفخر بها وبتفوقها.

سمو الرئيس، بإمكانك منذ اليوم زيادة رصيدك من المحبة عند المواطنين، فتضمن مساندتهم لك في أحلك الظروف، وبإمكانك جعله كسابقك صفرا، ليقفوا ضدك دائماً وأبداً، الخيار لك يا سيدي، فاختر ما تريد!