السفيرة جونز... وعمر الكويت

نشر في 25-09-2011
آخر تحديث 25-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 مظفّر عبدالله أول العمود: جميل أن يعود الإنسان إلى الفطرة، كأن يحتفظ بمبالغ نقدية كبيرة في منزله بدلا من البنوك.

***

كان وقع ما تسرب من وثائق "ويكيليكس" حول ما تنبأت به السفيرة الأميركية السابقة في الكويت ديبورا جونز من أن بلدنا لن يستمر إلى عام 2020 لأسباب ذكرتها لجمع من الشباب، كان وقع ذلك ثقيلا على نفوس الكثيرين، خاصة أننا نثق كثيرا بما يقوله الأميركيون لأنهم يعلمون ما لا نعلم، لكنني أميل إلى أن السفيرة كانت تعني المجاز، أو أرادت التخويف من أجل التحفيز، كمحاولتنا مع مريض بالسكر بتخويفه من الموت إن لم يقتصد ويرشد ما يدخل في معدته.

لنحسن الظن في قول السفيرة ونفكر قليلا ونتساءل:

- كيف تعاملنا مع النفط طوال 50 عاما في الجانب التنموي البشري؟

- هل جرى تغيير في نمط الإدارة المحلية طوال 30 عاما مضت؟

- هل قيمنا أسباب الغزو العراقي بشكل يقي البلاد من تكرار كوارث شبيهة؟

- لمن الغلبة طوال 49 سنة هي عمر الدستور، لمشروع الحكم أم لمشروع الدولة؟

- هل لاحظنا استيعاب الحكومات المتعاقبة منذ التسعينيات للمتغيرات الدولية في أكثر من مجال؟

لننس "ويكيليكس" والسيدة جونز ونحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.

حل أزمات البلاد يكمن في أربع دوائر: الحكم، ومجلس الوزراء، ومجلس الأمة، والشعب، وهذه المكونات هي المسؤولة عن عمر الكويت إن طال أو قصر، نحن جميعا مسؤولون كل حسب دوره ومسؤولياته التاريخية.

بعد تجمع الأربعاء الفائت في ساحة الإرادة خرجت بانطباعات عديدة: أولها أن الناس تعبت من الفساد والتردي العام لأحوال الدولة، فكل أطياف المجتمع تمثلت هناك وأوصلت رسالة واضحة بذلك: التغيير أو الطوفان. وثانيا، نحن بلد صغير جدا ولن يعبأ العالم بقضايانا لأنه مشغول بكوارث اقتصادية مرتقبة قد تحيل العالم إلى جحيم، ومشهد الـ32 دولة التي تكالبت على صدام حسين عام 90 ربما لن يتكرر. وثالثا، فإن أدوات المواطن الكويتي لإيصال رأيه إلى الحكومة ومجلس الأمة محدودة في ظل مؤسسات مجتمع مدني مشوهة ونقابات ضعيفة، ولذلك فإن دور مجلس الوزراء يظل كبيرا ومحوريا في فرض هيبة الدولة وتطبيق القوانين واستغلال الثروة النفطية على غير الطريقة الهزلية التي تتم الآن.

ما يتأتى من أموال مبيعات النفط الآن لا شأن لنا به وهو من نتاج ظروف دولية، والعقل والحصافة يتطلبان استثمار الفوائض في بناء الدولة على منهج جديد، وتشجيع القطاع الخاص، والاهتمام الشديد بالتعليم العالي والمهني.

الوضع الإقليمي المحيط بالكويت خطير جدا، والوضع الداخلي لم يشهد درجة من الفوضوية التي نراها اليوم، وهذان الوضعان بحاجة إلى رجال يديرون البلد بشكل استثنائي حتى يستطيعوا تخفيف ما تسرب من السيدة جونز عبر "ويكيليكس"، إذ إنه من المعيب أن تصرف الحكومة كل هذه الأموال على الوزارات لتقدم في النهاية خدمات بائسة فيضيع المال ونفقد رضا الناس.

back to top