هذا النهج هو خط حكامنا وديدنهم في تعاملهم مع أبنائهم، فهل يدرك أبناء هذا الجيل أهمية العقل والمنطق ومروءة الأخلاق بالحفاظ على أمن الكويت بالتمسك بمبادئ الدستور وقيمه، والترفع عن كل ما من شأنه الضرر بالكويت؟

Ad

من حكم الإمام علي بن أبي طالب "للإنسان فضيلتان: عقل ومنطق، فبالعقل يستفيد وبالمنطق يفيد"... كما قال رضوان الله عليه "ميزة الرجل عقله، وجماله مروءته"، فمن هنا يتضح أن الإنسان متى ما وجدت فيه تلك الصفات عظمت قيمته وارتفع شأنه.

ما دعاني إلى الكتابة حول هذا الموضوع هو غياب العقل أحياناً كثيرة عن الساحة السياسية وتيه المنطق، فلم يعد يفيد ولم يبق للمروءة ذكر، فالكل يتربص بالكل تحت عنوان كبير وهو "تضارب المصالح"، فلم يعد المواطن يرى نهاية لهذا الصراع الذي أطاح بالرجال الواحد تلو الآخر دون أن نعرف من الصياد ومن الطريدة!

ما أشبه اليوم بالأمس... وبعد مرور تسعة وأربعين عاما على إنشاء الدستور نرى كلمات الشيخ عبدالله السالم الصباح- طيب الله ثراه- حاضرة وكأنها كتبت لنا أو كأن التاريخ يعيد نفسه ليضعنا أمام حقيقة حذر منها في خطاب أردت أن أعيده عليكم لعله ينعش القلوب:

"شعبي العزيز: من الواضح الجلي أنني سعيت وما زلت أسعى إلى توفير جميع أسباب الرفاهية والطمأنينة لبلادنا العزيزة في السر والعلن.

وما زلت أسمع ما لا أحب أن أسمعه عن بعض الشباب الذين لا يقدرون عواقب الأمور ولا ينظرون النظرات البعيدة، ولكني أتحاشى تكديرهم راجيا أن ينتبهوا من أنفسهم ويسمعوا نصائح العقلاء.

ولقد نبهت المرة تلو المرة عن تكدير العلاقات بيننا وبين جميع أصدقائنا وإخواننا من العرب، وذلك حسبما تقتضيه مصلحة البلاد.

إذ لا فائدة لنا من تكدير علاقات يجب المحافظة عليها طيبة ما أمكن ولكن هؤلاء الشباب ركبوا رؤوسهم وتعاموا عن المصلحة العامة حتى بلغ بهم الجهل إلى التمادي عليَّ شخصيا في المجتمعات على الرغم مما عرف عن عهدي من رفاهية وخيرات نحمد الله عليها ويغبطنا عليها الكثير من الأمم.

أما الأخطاء والانتقادات التي يرون أنها موجودة في بعض الدوائر فإنها أخطاء لا يخلو منها أي بلد مهما بلغ من التمدن والنظام، وهي حالات سائرة إلى التعديل والإصلاح في القريب العاجل إن شاء الله.

ولقد أوعزت بردع هؤلاء عن التمادي في جهلهم مؤملا أن يكون بذلك سد ثلمة قد تأتينا منها ريح لا نريدها، وكما قيل: «ومن السموم الناقعات دواء».

وإني أرجو كافة أفراد الشعب العزيز أن يهتموا بصلاح أمورهم الخاصة، وإن بابي مفتوح لمن يتقدم باقتراح أو شكوى أو بيان صحيح، ففي ذلك تعاون صحيح بين الحاكم والمحكوم ووطنية صادقة.

أما الجهل فعاقبته معروفة.

والله يهدي الجميع".

هذا النهج هو خط حكامنا وديدنهم في تعاملهم مع أبنائهم، فهل يدرك أبناء هذا الجيل أهمية العقل والمنطق ومروءة الأخلاق بالحفاظ على أمن الكويت بالتمسك بمبادئ الدستور وقيمه، والترفع عن كل ما من شأنه الضرر بالكويت؟

ودمتم سالمين.