أول العمود: الخشية من تسيد الإسلاميين في حكم بعض دول الربيع العربي غير مبررة، لأن الشعوب خلعت الخوف إلى غير رجعة.

Ad

***

تشكل النساء قوة تصويتية ضاربة في الانتخابات الكويتية، منذ إقرار حقها السياسي في 16 مايو 2005، وإجراء أول "بروفة" انتخابات شاركن فيها في أبريل 2006، من خلال تجربة جنان بوشهري ومنافسها يوسف الصويلح العازمي، بعد خلو مقعد رئيس المجلس البلدي إثر تعيينه في حكومة يناير 2006. (جنان 1807 أصوات منها 857 صوتاً نسائياً/ الصويلح 5436 صوتاً منها 2404 أصوات نسائية).

وبانخراط المرأة في الانتخابات البرلمانية كانت ولاتزال تشكل تفوقاً مهماً في تعداد الناخبين بحسب الانتخابات التالية: "2006... 57% نساء من إجمالي 340 ألف ناخب"، "2008... 55% نساء من إجمالي 361 ألف ناخب"، "2009... 55.43% نساء من إجمالي 384 ألف ناخب"، "2012... 53% نساء من إجمالي 400.296 ألف ناخب"، وينسحب هذا التفوق أيضاً على تعدادهن في كل دائرة على حدة.

هذا حديث الأرقام، فماذا عن تفاعلاتها في العملية الانتخابية؟

تعطل حصول المرأة على حقها السياسي الدستوري 42 عاماً، ما يعني إقصاء لشريحة كاملة عن العملية السياسية، لذا لا يمكن الجزم بواقعية ما يوجه لها من نقد غير متزن تجاه تجربة مشاركة قصيرة بدأت بالكاد في 2006، وتكللت بالنجاح في 2009 بدخول 4 نساء (8%)، وانتهت بحل البرلمان في 6 ديسمبر 2011.

أسئلة سطحية وساذجة يتم تداولها بحق المرأة/ المشاركة السياسية/ البرلمان، على شاكلة: ماذا قدمت عضوات البرلمان للمرأة أو للعمل البرلماني؟ وكأن مدة 3 سنوات من أصل 50 عاماً متقطعة- هي عمر العمل بالدستور- كفيلة بأن تنضج حكماً علمياً وموضوعياً على مشاركتها البرلمانية. هناك مسائل شائكة يجب وضعها تحت المجهر حين نناقش قضية (المرأة والبرلمان) ومنها دور القوى السياسية المعادية والمؤيدة لحقوقها السياسية، وتأثير القوى الدينية الرجعية تجاه مبدأ أن تكون شريكة حقيقية للرجل، والدور الحكومي الداعم أو المتردد أحياناً لمبدأ المشاركة النسائية في الإدارة العامة، واستغلال القوى القبلية لصوتها في إيصال المرشحين الذكور، وأخيراً نظرة المرأة لذاتها ومستوى ثقتها بأن تكون شريكة بالتساوي مع الرجل.

دعم المرأة في العملية السياسية يتطلب تعديلاً جذرياً في تفاصيلها، ومن بين ذلك إرساء سياسة رسمية لتوطين المرأة في المناصب التنفيذية العليا، وتدشين الحياة الحزبية كعامل حاسم يقصي تأثير المزاج الذكوري في العمل السياسي، ونبذ السياسات التمييزية ضد المرأة، وتفعيل حراك حر من جانب القوى المستنيرة لتأكيد الدور الطبيعي لها تجاه المجتمع.

أخيراً، فإن على الناخبات اليوم، خصوصاً جيل الشباب منهن، أن يتذكرن جيداً ما بذله أصحاب الفكر المستنير من الجنسين من أجل دعم وجودهن تحت الضوء، بدءاً من مسيرة التعليم التي طالتها عام 1937، والدور الريادي الذي بذلته عناصر نسائية خالدة مثل نورية السداني ولولوة القطامي وفاطمة حسين وأخريات في ستينيات القرن الماضي، والعناصر الوطنية المخلصة من نواب الأمة الذين بادروا بتقديم التشريعات النيابية لنيل حقوقها منذ عام 1971 حتى 2005، وصولاً إلى الدور الملحوظ لشخصيات نسائية أخرى برزت بعد بناء الجهاز الإداري للدولة خصوصاً في مناصب الوزراء ووكلاء الوزارات وجامعة الكويت وقطاعات النفط والتعليم والدبلوماسية وغيرها.

أمام المرأة الكويتية اليوم طريق طويل عنوانه التوعية بدورها المهم في المجتمع، يعي خصوصيتها، لكنه لا يقصيها بسبب أنوثتها، ويجب التذكير هنا أن دخول المرأة إلى البرلمان لم يحدث بسبب نظام "الكوتا" وإن كانت تعيش في مجتمع لايزال يتخلص من الإرث القبلي في إدارة معظم صراعاته الطبيعية.