هنا رجل مدين لـ تويتر
على أعتاب العام الجديد يطيب لي أن أتحدث في هذا الموضوع. منذ أشهر، وبالتحديد في ذات الوقت الذي عقد فيه منتدى الإعلام العربي لعام 2011 في دبي، تمت استضافتي في أحد البرامج الفضائية للحديث عن شبكات التواصل الاجتماعي، وأثرها الإعلامي، وكان معي في ذات البرنامج شخصيتان إعلاميتان معروفتان من الجيل القديم. تحدثتا قبلي، وكان رأيهما متوافقا إلى حد كبير إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي ليست أكثر من أدوات إعلامية جديدة، حالها كحال الأدوات الإعلامية التي سبقتها، وأنها لذلك يجب ألا تعطى أكثر من حقها في الاهتمام، فسرعان ما ستصبح موضة قديمة ربما! يومها كنت- ولاأزال- من المنبهرين بقوة وفاعلية شبكات التواصل الاجتماعي، لكوني ممن شرعوا في استخدامها بتوسع واهتمام كبيرين منذ اللحظات الأولى، فما كان مني إلا أن أبديت رأيا مختلفا عنهما تماما بينت من خلاله أن هذه الشبكات ليست مجرد أدوات وإنما هي أكثر من ذلك بكثير.أكثر من ثمانية شهور مرت على ذلك اللقاء، وشبكات التواصل الاجتماعي مستمرة بالتألق والانتشار والاختراق الإعلامي أكثر وأكثر، وكل ما في الأفق يشير إلى أنها ستستمر في ذات المسار التصاعدي. هذه الشبكات، وبحركتها التصاعدية المتسارعة، أثبتت أنها أكثر بكثير من مجرد أدوات كما قلت يومها في ذلك اللقاء، وأنها في واقع الأمر قد أضحت لغة إعلام العصر، بل الحاكمة لأسلوب وطريقة عمل حتى أدواته الأخرى، كالتلفزيون والإذاعة والصحافة المطبوعة. وأنا شخصيا أدين لشبكات التواصل الاجتماعي، ولـ"تويتر" على وجه الخصوص، بالكثير، فاليوم ومع نهاية عام 2011 بلغ عدد متابعيّ على هذه الشبكة الرائعة قرابة الستين ألف متابع انطلاقا من بضعة آلاف لم تكن تتجاوز أصابع اليد الواحدة في بداية العام، وأجمل ما في المسألة أن النسبة الكبرى من هؤلاء المتابعين هي من خارج الكويت، حيث لا تشكل نسبة من يتابعونني من الداخل إلا 23 في المئة من الإجمالي العام، أي أن هذه الشبكة قد انطلقت بي خارج الحدود الجغرافية التي كنت أتحرك فيها طوال سنواتي الإعلامية العشر الماضية. ففتح لي هذا الانطلاق أبوابا أكثر رحابة للتفاعل مع جمهور جديد أكثر تنوعا وثراء بحكم ذلك، لأنقل له ما لدي من أفكار وأطروحات ولأستقبل ما عنده كذلك، وسأكرر هنا عبارة كنت قد كررتها كثيرا أخيرا، ولا أمل من ذلك. لو استطعت أن أضع كل تجربتي الإعلامية في السنوات العشر الماضية في كفة ميزان، وأضع في الكفة المقابلة تجربتي من بعد استخدام الشبكات الاجتماعية، فإن الكفة التي فيها هذه الشبكات سترجح بلا تردد.
أنا رجل مدين كثيرا للشبكات الاجتماعية، ولـ"تويتر" بالذات، فقد وهبتني هذه الشبكة الألمعية مساحات رحبة للتفاعل مع الناس، وأعطتني القدرة على التواصل مع أفكارهم وتعليقاتهم واهتماماتهم بكل سهولة، وأتاحت لي أدوات خارقة لاستقصاء توجهاتهم ورغباتهم، وغير ذلك الكثير مما دأبت على استخدامه في صناعة مادتي الإعلامية التي كنت قدمتها من خلال هذه الزاوية على مر الشهور الماضية، وأيضا من خلال زاويتي في صحيفة البيان الإماراتية، وكذلك مدونتي على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى مشاركاتي العديدة في المحافل والمنتديات والمحاضرات الثقافية والمعرفية. شبكات التواصل الاجتماعي، وبالأخص "تويتر" بالنسبة إلي، تمثل منجم ذهب عميقا وغنيا جدا لمن يحسن استخدامه والاستفادة منه، سواء من المتخصصين في كل مجال أو من طالبي المعرفة أو الاستمتاع، لذلك فشكري في نهاية هذا العام الذي كان حافلا بالكثير على كل صعيد، سواء على مستوى العالم أجمع، أو على مستوى بلدي، أو حتى على مستواي الشخصي، يجب أن يذهب إلى هذه الشبكات المذهلة التي كانت لها اليد الطولى في تغيير الكثير، ليس اجتماعيا فحسب، كما يقتصر على ذلك اسمها، إنما سياسيا واقتصاديا ومعرفيا وغير ذلك.شكرا لشبكات التواصل الاجتماعي... وشكرا قبل ذلك لمستخدمي هذه الشبكات فهم الذين صنعوها في الحقيقة بما وضعوه فيها من مواد بشتى الأشكال والهيئات والألوان... وكل عام والجميع بخير وصحة وعافية.