وجهة نظر: النفط محور خطة التنمية الجديدة
يبدو جلياً أن دولة الكويت بدأت أولى خطوات العمل الجاد نحو تحول اقتصادي بنّاء، بعيداً عن متاهات اللجان والتريث وإضاعة الوقت والمال. ومع اعترافي بصعوبة هذا الهدف في ظل المناخ العام للاقتصاد العالمي ورؤية اللون الأحمر يصبغ شاشات التداول الأميركية والأوروبية وغيرها وتقرير بنك "كريدي سويس" الأخير الذي يقول إن عوائد سندات الخزينة الأميركية لعشر سنوات وصلت الى 2%، وتشديده على ضرورة حمل أسهم البتروكيماويات أرى أن المسار الأسلم لتجاوز الاختلالات الهيكلية في ميزانية الدولة إنما يتمثل في الانطلاق نحو مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية لا تهدف الى إلغاء صورة الرفاه، بل ترشيدها والسعي الى اتباع أنظمة اقتصادية في العالم ظلت الى حد كبير بعيدة عن الهزات المالية والتركيز على الرسملة المنتجة التي تضمن الربحية من دون مجازفة غير محسوبة, إضافة الى الاهتمام بمصادر الدخل – بخلاف النفط – وسبل جذب الاستثمارات الأجنبية.أسعار النفط في الوقت الراهن ولربما لفترة غير محدودة من الزمن سوف تظل عرضة لتقلبات وتباينات لا يمكن التكهن بها, والحديث عن أرقام معينة مستقبلية ضرب من الوهم, غير أن العنصر الجوهري في هذه المعادلة الصعبة يتمثل في تأسيس قاعدة راسخة من البنى التحتية لمصادر الطاقة ذات عوائد أفضل من الطرق التقليدية الأخرى في ميادين الاستثمار, مع الاعتماد المتزايد على اليد العاملة الوطنية المتخصصة والمدربة وتجنب استخدام العناصر الأجنبية بغية ضمان تشغيل عمالة محلية من جهة وعدم التعرض لهزات غير محسوبة من جهة أخرى, فضلاً عن الفارق الكبير في الأجور ومتطلبات استقدام العمالة الأجنبية.
وأرى أن الوفر الضخم في الميزانية الحالية يشكل فرصة ملائمة تماماً للبدء في تنفيذ مشاريع نفطية على الصعيدين المحلي والعالمي، من أجل تنويع مصادر الدخل وديمومة التدفق المالي مهما تغيرت الظروف وتعددت العوامل لأسباب لا نملك القدرة على التحكم فيها.وفي ما يتعلق بمشاريع الخارج، أقترح التركيز على الأسواق الناشئة لأنها تبشر بإمكانات واعدة في المستقبل، خصوصاً أن الغرب – بصورة عامة – بدأ جهوداً مركزة للاعتماد على الطاقة المتجددة والشمسية ومحاولة الإقلال من اعتماده على النفط المستورد ومن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على وجه الخصوص.* خبير في استراتيجيات واقتصاديات النفط