الإصدار الجديد من تقرير البنك الدولي لعام 2012 حول درجة بساطة القيام بنشاط اقتصادي في بلدان العالم المختلفة، والذي يحمل عنوان «بيئة الأعمال في عالم أكثر شفافية»، تضمن العديد من المؤشرات المقارنة بين 183 دولة، من بينها دولة الكويت وشقيقاتها الأعضاء في منظومة دول مجلس التعاون. ما يؤسف له أن الكويت ومن جديد حلت في المرتبة الأخيرة في سلم المؤشرات المقارنة التي عرضها هذا التقرير. ويحرص البنك في تقريره على التأكد من دقة البيانات والمعلومات التي يستخدمها في حساب تلك المؤشرات، فضلاً عن حداثتها، إذ تعبر بيانات تقرير عام 2012 عن حالة بيئة الأعمال في البلدان المختلفة في نهاية شهر يونيو من السنة الجارية 2011.
ويستخلص هذا التقرير مؤشراته الكمية من خلال النظر الى التشريعات والقوانين والإجراءات التي تتعلق بأحد عشر نوعا من أنواع التسهيلات المتعلقة بممارسة أنشطة الأعمال الاقتصادية وهي إجراءات الحصول على ترخيص ببدء نشاط المشروع، إجراءات الحصول على تراخيص البناء، معاملات إيصال التيار الكهربائي، إجراءات تسجيل الملكية، الحصول على التمويل، حماية حقوق المستثمرين، الزامية التعاقدات، الإجراءات المتعلقة بتصفية المشروع، وإجراءات توظيف العمالة المطلوبة للمشروع.التقرير الجديد أكد أن سنغافورة مازالت هي الأولى عالمياً من جانب سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، تليها هونغ كونغ، ثم نيوزيلندا، ثم الولايات المتحدة والدنمارك. على صعيد دول مجلس التعاون حافظت المملكة العربية السعودية على ترتيبها المتقدم، حيث حلت في المرتبة الثانية عشرة متقدمة على دولة الإمارات 20 مرتبة وعلى قطر 24 مرتبة وعلى البحرين 26 مرتبة وعلى سلطنة عمان 37 مرتبة وعلى الكويت 55 مرتبة.الإصلاح المؤجلأما بالنسبة إلى درجة التحسن في بيئة ممارسة الأعمال، التي ينظر لها من خلال عدة مؤشرات من بينها عدد الإصلاحات التي قامت بها كل دولة، فإن المغرب ومولدوفا وجمهورية مقدونيا كانت في مقدمة الدول التي حققت أكبر تحسن في تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال، أما على صعيد دول المجلس فإن سلطنة عمان كانت في المقدمة من حيث الإصلاحات التي أجرتها على بيئتها الاستثمارية، والتي بلغ عددها ثلاثة، تليها دولة الإمارات وقطر ثم السعودية، بينما لم تسجل الكويت والبحرين أي قدر من الإصلاحات في أي من المجالات الأحد عشر التي يعتمدها التقرير في القياس.النمو الأشد تواضعاًوتدعم بيانات صندوق النقد الدولي هذا الاتجاه العام، اذ يشير أحدث تقارير الصندوق الى متوسط النمو المتواضع للاقتصاد الكويتي خلال السنوات الخمس الأخيرة مقارنة بمتوسطات النمو في دول المجلس الأخرى، حيث بلغ هذا المتوسط نحو 2.6 في المئة سنويا في مقابل 4.2 في المئة في الإمارات و5.7 في المئة في البحرين و18 في المئة في قطر.من الطبيعي ألا تحمل هذه المؤشرات أخباراً سارة للكويت، لما لها من انعكاسات سالبة على سمعة الكويت ومركزها الاقتصادي على المستويين الإقليمي والدولي، كما أن هذه المؤشرات تتناقض كلياً مع ما ينبغي أن تحققه البلاد بعد أن أطلقت خطة طموحة للتنمية، تهدف في مقدمة ما تهدف إليه إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار ومحفزة لنشاط القطاع الخاص. ولاشك في أن ما يساعد على تحسين مناخ الاستثمار في الكويت يتناقض تماماً مع الأجواء الراهنة من عدم الاستقرار والاحتقان السياسي، والتردي المتواصل في مستوى كفاية وكفاءة الخدمات العامة، وعدم قدرة البنية التحتية للبلاد على استيعاب هذه الزيادات المطردة في السكان والتوسع الحتمي في العمران ووسائل النقل، وهذا الغياب الواضح في ترتيب الأولويات، والتردد في اتخاذ القرار الصائب في وقته المناسب.* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت
مقالات
وجهة نظر:بيئة الأعمال والسير في الاتجاه المعاكس
30-10-2011