مادتان في الدستور هما مفصلا المرحلة القادمة: الأولى تخص اختيار رئيس الحكومة: "يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية، ويعفيه من منصبه كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء". (المادة 56).

Ad

أما المادة الثانية فهي تختص بمجلس الأمة "يختار مجلس الأمة في أول جلسة له، ولمثل مدته رئيسا ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أي منهما اختار المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته.

ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين فإن لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات، فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية. فإن تساوى أكثر من واحد في الحصول على الأغلبية النسبية تم الاختيار بينهم بالقرعة ويرأس الجلسة الأولى لحين انتخاب الرئيس أكبر الأعضاء سنا". (مادة 56).

هاتان المادتان تشكلان معا حجر الزاوية وملامح العلاقة فيما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية اللتين يمكن من خلالهما أن يستعيد المجلس عافيته وانتشال البلد من حالة التشنج، وانعدام الثقة التي دفعت الكويت ثمنها على كل الصعد.

الثقة التي أولاها سمو الأمير- حفظه الله ورعاه- بتسمية سمو الشيخ جابر المبارك رئيساً لمجلس الوزراء باختياره لأهم منصب لإدارة شؤون الدولة تشريف وتكليف في آن واحد، فالمرحلة تتطلب الكثير من العمل الجاد والشفاف بدءاً باختيار الوزراء وفق معايير الكفاءة، والابتعاد عن الأسلوب القديم في اختيار الوزراء، والذي أثبت عدم جدواه على أرض الواقع، وليس أدل على ذلك من أسلوب المحاصصة الذي ساهم بطريق غير مباشر في فرز المجتمع، وكان عاملا مساهما في عدم تضامن الحكومة.

التصريحات النيابية تجاه تكليف سمو الشيخ جابر المبارك في مجملها إيجابية لكنها مشروطة بالنهج الذي ستسلكه الحكومة القادمة نحو برامج التنمية ومتابعة ملفات الفساد، وهي أيضاً مطالب شعبية، كما أنها السبب والذريعة التي أسقطت الحكومة والنواب معا، خصوصاً بعد الفضائح المليونية.

برنامج عمل الحكومة سيكون أحد مفاتيح الحل؛ لذا من المهم أن يتضمن المشاكل العالقة وعلى رأسها إعادة اللحمة الوطنية إلى سابق عهدها, ووضع الحلول المناسبة لقضية البدون, وتقديم تقرير شامل عما تم إنجازه بتحديد مواقع الخلل في برنامج التنمية ووضعه في مساره الصحيح, إقرار هيئة مكافحة الفساد والذمة المالية, هذه النقاط حتما سيكون صداها مهماً على مستوى الشارع بإعادة الثقة المفقودة بالسلطة التشريعية والتنفيذية.

أخيراً، فإن اختيار رئيس مجلس الأمة يجب أن ينطلق من المصلحة الوطنية لا من منطلق الوجاهة، فهذا المنصب يحدد طبيعة العلاقة القادمة التي من شأنها توفير المناخ المناسب للاستقرار السياسي متبوعاً بالاستقرار الاجتماعي لتمكين برامج التنمية من خلال إقرار القوانين والتشريعات اللازمة لنهوض الكويت.

ودمتم سالمين.