نسمات الربيع العربي ودول الخليج

نشر في 06-07-2011
آخر تحديث 06-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. بدر الديحاني فضاءات العالم أصبحت اليوم مفتوحة ومن السهولة بمكان تعرف العالم الخارجي واطلاعه على ما يجري في الداخل من انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان كانت تمارسها في السابق الأنظمة السياسية القمعية بسرية تامة وتكتم شديد، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى ممارسة مجلس الأمن الدولي والمحكمة الدولية لدورهما المطلوب لردع مثل هذه الممارسات اللاإنسانية ووقفها كما يحدث في ليبيا الآن.

هناك شبه إجماع من قبل المحللين السياسيين على أن ربيع المنطقة العربية لن يستثني دولة من دولها، وإن اختلفت درجات التغيير وطرقه من دولة إلى أخرى، كما أنه بات من الواضح جداً أنه كلما تأخرت عملية الإصلاح السياسي الجدي الملحة كانت "فاتورة" الإصلاح باهظة الثمن على الأنظمة السياسية القائمة، إذ إن محاولات بعض الأنظمة السياسية إجراء بعض التحسينات البسيطة "الماكياج" لن تجدي نفعاً. كما أن استخدام وسائل تقليدية بالية مثل الحلول الأمنية ستزيد تأزم الوضع الداخلي، وستعجل بتصاعد مطالب الإصلاح السياسي التي وصلت حالياً في بعض الدول ذات الأنظمة القمعية المستبدة، مثل سورية وليبيا واليمن، إلى مطالب شعبية علنية بإسقاط النظام، وعندئذ فإنه من المستحيل تراجع المطالب الشعبية إلى ما كانت عليه قبل بدء الاحتجاحات الشعبية، ومن المستحيل أيضاً التغطية عليها أو تشويهها مثلما كانت هذه الأنظمة تفعل من قبل بادعاء أنها تتبع "أجندة خارجية" أو ما شابه من ادعاءات فارغة.

فضاءات العالم أصبحت اليوم مفتوحة، ومن السهولة بمكان تعرف العالم الخارجي وإطلاعه على ما يجري في الداخل من انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان كانت تمارسها في السابق الأنظمة السياسية القمعية بسرية تامة وتكتم شديد، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى ممارسة مجلس الأمن الدولي والمحكمة الدولية دورهما المطلوب لردع مثل هذه الممارسات اللاإنسانية ووقفها كما يحدث في ليبيا الآن.

علاوة على ذلك، بات من الملاحظ خلال التحركات الشعبية التي جرت في البلدان العربية خلال الأشهر القليلة الماضية، أنه كلما ازدادت سرعة استجابة الأنظمة السياسية للمطالب الشعبية، من خلال إجراء إصلاحات سياسية جذرية سريعة تؤدي إلى زيادة المشاركة السياسية في السلطة وتداولها وعدالة توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، قلّت حدة المطالب الشعبية وزاد استقرار المجتمع والعكس صحيح تماماً.

وكما قلنا من قبل، فإن دول الخليج العربية كافة ليست استثناءً من هذه القاعدة، إذ إنها مرشحة للتغيير السياسي والاجتماعي حالها حال المجتمعات العربية الأخرى، وهو ما نتمنى أن يكون تغييراً سياسياً سلمياً تطرح مبادراته الملحة أنظمة الحكم في هذه الدول، لاسيما أن بعضها، وبالذات الكويت، لديه مقومات ممتازة وأطر سياسية وتشريعية مناسبة تجعلها نموذجاً يتحذى به في المنطقة.

ولاحظنا كيف بادر ملكا الأردن والمغرب بسرعة إلى الاستجابة للمطالب الشعبية الداعية إلى إجراء تغييرات سياسية جذرية من أجل إفساح المجال للمزيد من المشاركة الشعبية في السلطة وفي الثروة الوطنية رغم أن بعض القوى السياسية هناك تعتبر ما جرى في هاتين الدولتين مجرد تحسينات سياسية بسيطة "ماكياج"، للمحافظة على ديمومة أنظمة الحكم الملكية، وليست تغييرات جذرية تطالب بها التحركات الشعبية... صحيح أيضاً أنه من السابق لأوانه الحكم على جدية تلك التغييرات التي بادر إلى إجرائها ملكا الدولتين، لكن رغم ذلك فإنها من دون شك تعتبر خطوة أولى ضرورية في الاتجاه الصحيح.

back to top