ديبورا... ماذا فعلتِ بنا؟!
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
السفيرة جونز فصلت في تقاريرها المجتمع الكويتي، والظريف أنها بعد أن كانت تقف أمام الكاميرات بابتسامة عريضة كدبلوماسية في مناسبات مختلفة مع بعض الأعيان والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية الكويتية، كانت بعد ذلك، وعندما تغلق عليها مكتبها تكتب تقاريرها كسفير محترف بإنصاف وطريقة علمية ووفقاً للمعلومات، تصفت هؤلاء الأعيان والفعاليات بأنهم "ناهبين لبلدهم" عبر العقود والمناقصات ولا يقدمون بالمقابل شيئاً يذكر لوطنهم ويستخدمون فوائض تلك الأموال لإفساد الحياة السياسية، وتستنتج وفقاً لمراقبتها للأحداث في الكويت أن شرائح أخرى تدمر النظام والقانون في البلد وتجره الى وضع من الانغلاق والتطرف الذي يضرب في الصميم معنى وجود الكويت كدولة، وتخلص السفيرة إلى أن الفاعلين في مسيرة الأحداث في الكويت يتصرفون وكأن دولتهم مؤقتة الوجود. وبعد ذلك، من الطبيعي أن تنهال الاتهامات على السفيرة من المتضررين مما كتبته وكذلك بيانات النفي التي لن تغير من وقائع تقاريرها شيئاً فهي دبلوماسية محترفة تخدم بلدها فترة معينة لدينا ولا تمتلك أي معرفة أو خصومة مع أي طرف في الكويت، وإن كان هناك بعض التطاول على رموز يحترمها الشعب الكويتي في تقاريرها، والسيدة جونز كذلك لا تسعى إلا للتميز في خدمة وطنها، ولو لم تكن دقيقة وصادقة في عملها وفقاً لمعاييرهم العملية العالية لتعرضت للجان التحقيق والمساءلة من وزارة الخارجية والكونغرس الذي عينها في المنصب.والمنطق أيضاً يفرض تساؤلاً على من اتهم السيدة جونز بإثارة الفتنة في الكويت وهو: كيف لها أن تستهدف إثارة الفتنة في البلد في تقارير كان من المفترض أن تظل سرية التصنيف لولا اختراق صاحب الــ"ويكيليكس" لقاعدة البيانات الأميركية ونشرها بعد ذلك للعامة؟!الحقيقة أن تقارير ديبورا هزت كيان كل من اطلع عليها أو على بعض منها وخاصة الاستنتاجات أو التعليق الذي ينتهي به كل تقرير، ولو تم التعامل مع ما جاء في تلك التقارير من سلبيات فهو أفضل من الشركات الاستشارية التي تكلفها الدولة لبحث مستقبل البلاد وتقاريرها المنمقة التي لا تستهدف إغضاب من يدفع لها، بينما تقارير ديبورا مباشرة وصادمة للمقصر والمتهاون. فهل هناك من سيتعامل بجدية مع تنبؤات الدبلوماسيين الأميركيين لمستقبل الكويت؟!