إن وجود جمعية لحماية المستهلك تعتمد في عملها بالدرجة الأولى على الدراسات العلمية والميدانية القائمة على أرقام وبيانات وإحصاءات رسمية، والمدعّمة بدراسات مقارنة سينظم جهود جمهورالمستهلكين أو الزبائن، وسيجعل صوتهم قوياً ومسموعاً، وسيدعم أو ينظم الحملات الداعية إلى مقاطعة سلعة أو منتج ما.

Ad

مرات عدة تناولنا في هذه الزاوية أهمية وجود منظمة أو جمعية "حماية المستهلك" والتي ستكون مهمتها الأساسية العمل على حماية المستهلكين، والدفاع عن حقوقهم سواء في القطاع الخاص أو العام، ورفع وعيهم الاستهلاكي، وحمايتهم من الغش التجاري والفساد وغلاء الأسعار والتلاعب بجودة السلع والخدمات التي تقدمها بعض المحال التجارية رغم ضررها البالغ على صحة المستهلكين، وهو أمر قد لا يكون ملموساً بشكل مباشر للمستهلك نفسه.

ليس ذلك فحسب، بل إن منظمات حماية المستهلك تقوم عادة بإعداد "قائمة سوداء" بأسماء المحال التجارية التي تتعمد تكرار الغش التجاري وزيادة الأسعار بشكل غير مبرر، وتعمل على محاربة احتكار السلع والخدمات، ومراقبة مدى تطابق جودة السلعة أو الخدمة مع سعرها المعلن، ثم إجراء مقارنات بين الأنواع المتشابهة من السلع والخدمات وتقديم النصائح المناسبة للمستهلكين سواء بالنسبة إلى جودتها أو أسعارها، إذ إن السعر وحده ليس هو المحدد الوحيد للجودة، فكم من بضائع رخيصة يترتب عليها أضرار صحية جسيمة بعضها لا تظهر آثاره إلا بعد مرور مدة من الزمن!

إن وجود جمعية لحماية المستهلك تعتمد في عملها بالدرجة الأولى على الدراسات العلمية والميدانية القائمة على أرقام وبيانات وإحصاءات رسمية، والمدعّمة بدراسات مقارنة سينظم جهود جمهورالمستهلكين أو الزبائن، وسيجعل صوتهم قوياً ومسموعاً، وسيدعم أو ينظم الحملات الداعية إلى مقاطعة سلعة أو منتج ما، والتي يدعو إليها بعض الشباب أحيانا في وسائل الاتصال الاجتماعي، ويجعلها أكثر فعالية وأشد تأثيراً في قطاع الأعمال التجارية الذي يركض عادة خلف الزبون؛ لأن تحقيقه للأرباح يعتمد بالدرجة الأولى على نيل رضاه.

لهذا يقولون "الزبون دائما على حق"، وكلما كان الزبائن أو المستهلكون منظمين كان وعيهم بحقوقهم وقدرتهم على نيلها أكبر؛ لهذا فإنه من المفترض أن تنصب الجهود الشعبية على المطالبة بإشهار "جمعية حماية المستهلك" بدلاً من الحملات العفوية ذات الأثر المحدود والتي تطلق بين الفينة والأخرى.

لقد غيّبت الحكومات السابقة صوت المستهلك، إذ رفضت المرة تلو الأخرى إشهار "جمعية حماية المستهلك" رغم تقديم عدد من طلبات الإشهار التي لا تزال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحتفظ بها منذ سنوات طويلة، وحيث إنه لا بد أن يكون للمستهلك، كما ذكرنا ذات مقال، صوت قوي صادح في وجه تجار الفساد، لاسيما أن ريحة الفساد وطعمه قد وصلا إلى ما نأكله من طعام، وما نشربه من ماء وسوائل، فهل تبادر الحكومة الجديدة لإشهار "جمعية حماية المستهلك" لكي تكون الصوت المعبّر عن المستهلكين، وتشارك غرفة التجارة في رسم السياسات العامة التي لها علاقة بالمستهلكين؟ أم أن التجاهل الحكومي سيستمر؟!