كلما قرأت نص المادة 108 من الدستور الكويتي، التي تنص على أن عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها ويرعى المصلحة العامة، تذكرت شكل بعض نوابنا وسألت نفسي: هل بالفعل يستحق هذا الشخص تمثيلي في المجلس بعد أن تبين أحدهم تقاضيه مبالغ مالية مبررا أنها أتعاب مهنية، وآخر رفض النهوض للنشيد الوطني لبلدي وبلده لدواعي شرعية! وثالثة تدخل قاعة عبدالله السالم وتتفرج على من بداخلها ثم تغادر، وعند بدء الجلسة تهرب منها، وأخرى توافق على عقد الجلسة الطارئة لحل مشكلة المقبولين في الجامعة، وقبل انعقادها بليلة تحاربها وترفض حضورها، أي نواب هؤلاء الذين يمثلونني في البرلمان، وأقسموا على احترام الدستور وهم لم يحترموه، وتجدهم يحترمون مؤلفات وفتاوى شرعية ولا يعيرون نصوص الدستور أهمية!

Ad

نائب يمثل الأمة بأسرها يتحدث ومن دون احترام رغم أنه مشرع وقدوة برفضه الوقوف للنشيد الوطني لأن هذا الأمر مخالف للشرع، بينما نسي ان الدستور الذي أقسم على حمايته والدفاع عنه والعمل بمواده ينص بمادته الخامسة على أن «يبين القانون علم الدولة وشعارها وأوسمتها ونشيدها الوطني»، وإزاء رفض هذا النائب الشائن لا يمكن إلا أن نؤكد ما نسمعه من رفض بعض المسؤولين في عدد من المدارس الحكومية من السماح ببث النشيد الوطني وربما الأغاني الوطنية لأنها تخالف فتاوى غير محددة المرجعية، كيف لعاقل منا أن يرفض تعليم أبنائه نشيد وطنه وهو الشيء الوحيد والملموس لهم الذي يشعرون من خلاله بالانتماء للوطن؟ أي رقص ولهو ومعصية من سماع النشيد الوطني؟

نشيد لا يحوي شوقا ولا غراما ولا عشقا سوى لتراب الوطن ويدعونا جميعا إلى العطاء والإخلاص له! فأي مخالفة شرعية في ذلك سوى معتقدات البعض التي لا تجد أساسا إلا في نفوسه، وهو الأمر الذي يتعين على هذا النائب إذا ما عرض النشيد الوطني أن يقبع خارج الأماكن الرسمية التي تذاع أو تبث فيه حتى لا يشاهدنا ونحن نمارس هذه المعصية، معصية سماع النشيد الوطني!

كيف لنا السماح ببقاء نواب يدافعون عن الوطنية صباحا ويقطعون أوصالها في المساء، وفي ذات الوقت يمثلون الأمة بأسرها وهم برأيي لا يمثلون سوى خيبتهم وفكرهم السيئ إزاء ما يقدمون من نهج وفكر لا يمكن وصفه سوى بالمتخلف والمعيب والرجعي والانتهازي!

وإزاء مسلسل الفضائح اليومي الذي ينكشف فيه حال بعض النواب من أداء وسلوك ونهج وتعاط مع الأحداث السياسية، يتعين على عقلاء المجلس أن يسارعوا إلى إصدار قانون لمحاسبة النواب من قبل ناخبيهم وغير ناخبيهم استنادا إلى القاعدة الدستورية بأن النائب يمثل الأمة، وعندها سيفكر النائب في قيمة المنصب النيابي وقيمة ناخبيه وقيمة الوطن بشكل عام، ولن يبقى حينها نائبا واحدا يتلاعب بمشاعر ناخبيه أو نائبا يبيع ويشتري فيهم أو حتى نائبا منفذا لأجندات خارجية كما يردد البعض أو أجندات داخلية!