نعم للتنمية... لا للدماء!
![تركي الدخيل](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491377907467332200/1491377907000/1280x960.jpg)
مثلاً في اليمن، فوجئ الناس بمحافظة اليمنيين إجمالاً عن سلمية الثورة، مع أن اليمن أضخم مستودع قطع سلاح في المنطقة. ومع ذلك لم يستخدموه في خضم الأحداث، وهي بالنسبة والتناسب سلمية إذا قارنا بين كثافة السلاح الموجودة باليمن، وحضوره في الاحتجاجات. في سورية أيضاً الثورة لاتزال سلميةً من قبل المتظاهرين، لكن النظام هو الذي يستخدم السلاح ضد العزّل، وهذه هي المشكلة، أن النظام السوري لا يريدها سلمية. أما في ليبيا فالأمر مختلف بعض الشيء. كانت الثورة أشبه ما تكون بالحرب الداخلية بين طرفين، بين كتائب القذافي والثوار، وحضر الناتو لحماية الثوار، ولئن بدأت الثورة الليبية سلمية، غير أن القذافي أرادها أن تكون حرباً، وكذلك صارت. الأهداف التي أقيمت من أجلها الثورة تحتاج إلى التفكير المستمر، أن يتساءل الثوار: متى نبدأ بناء المؤسسات؟! في مصر كما في تونس، الأنظار في العالم على المسيرة الديمقراطية التي سيتم البدء بها، وعليهم إثبات نجاح الثورات، ونجاحهم في تحقيق أهدافها. عليهم بناء المؤسسات والشروع في التجارب الديمقراطية بكل سلاسة، لئلا تكون الثورات مجرد ذهابٍ برئيس ومجيءٍ بآخر. وكذلك الأمر في ليبيا التي كانت أصلاً غير مبنيّة، ثم هدم ما بني منها! وأخطر ما يواجه الليبيين القضاء على نهج القذافي وليس فقط على شخصه، حتى لا يقال لاحقاً: "ذهب القذافي وبقي نهجه".الأعباء الحالية كبيرة على الثائرين، وآمل أن تختفي لغة السلاح والدماء، حتى أصبحنا نخفي الشاشات عن أبنائنا خشية استمرائهم لمشاهد دموية مزعجة، لتكن الإنسانية بكل مساحتها الشاسعة هي الأرض التي تجمع الناس، وكما قال ساركوزي "ليكن الصفح" هو العتبة الأولى للدخول إلى مرحلةٍ إنسانية جامعة. لتقلب الصفحة وليبدأ الناس من جديد في بناء الدولة، وفي إنقاذ ما تبقى من بنى تحتية.لا يمكن لأي ثورةٍ أن تحقق الأهداف، من دون البدء بعتبةٍ تمهيديةٍ لها، والإنسانية والصفح هما الأساس، أما الاستمرار في ملاحقة كل شخصٍ كانت له شبه علاقة بهذا النظام المخلوع أو ذاك فهذا يعني أننا سنستمر في دوامات كبيرة، لأن الأنظمة المنتهية كانت متغلغلةً لدى الناس، وما لم يكن برقبة هذا المنضوي ضمن النظام دم أو جرم واضح فإن الصفح مطلوب، حتى لا نكون أمام مراحل "اجتثاث" داخلية في الدول والمجتمعات الثائرة.