لا يمكن أن يدفع المواطن الكويتي أو حتى المقيم ضريبة القصور الذي تعيشه الإدارة العامة للتحقيقات نتيجة لتراجع مستواها الفني، بدءا من قبول الشكاوى الجزائية التي لا تدخل باختصاصها في الأساس لمدنية النزاع المعروض أمامها، ومرورا بمنع سفر المشكو بحقه في تلك القضايا، وأخيرا إصدار قرارات بعد كل تلك المعاناة بحفظ التحقيقات في القضية، وذلك لمدنية النزاع القائم!

Ad

لا أعلم حقيقة مبررات الإدارة العامة للتحقيقات في قبول آلاف الشكاوى المقدمة إليها تحت مبرر سخيف «أنه لا يمكن رد أي شكوى مهما كانت»، ومرورا، ومن دون الاعتبار لأقوال المشكو بحقه في القضية، بإصدار الإدارة قراراً بمنع سفر المواطن أو حتى المقيم، ولا يتم رفعه إلا بعد صدور قرار من الإدارة العامة بحفظ القضية.

هذا التباين في الإجراءات المتبعة من الإدارات التابعة للإدارة العامة للتحقيقات، التي هي بالغد ترغب في الانصهار في الجسم القضائي متمثلا في النيابة العامة، لا يمكن إلا أن يكشف عن أمر واحد وهو تردي المستوى الفني والقانوني لبعض المسؤولين في الإدارة العامة للتحقيقات سواء في ادعاء الجهة المعنية بتقرير التصرف في القضايا إلى المحاكم أو حتى المكتب الفني، وهو الجهة التي تنظر في دراسة رفع قرارات منع السفر، ولا أذكر أن أحداً من الزملاء المحامين أبلغني أنه تمت الموافقة على رفع منع السفر إلا بعد الحصول على تنازل من قبل المجني عليه، بينما تنتهي جهة المكتب الفني من تلقاء نفسها وتصدر قرار الرفع لأوامر منع السفر هذا لم يحدث معي أو مع أحد من الزملاء، وقد يكون قد حدث مع غيرنا، ويكون العذر أن القضايا مالية!

لا تعنيني كل المبررات التي سمعتها لدى مناقشة هذا الموضوع مع عدد من الإخوة العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات، لاتفاقهم معي أن هناك ضعفاً حقيقياً في المستوى الفني لبعض المسؤولين في إدارات الادعاء العام والمكتب الفني وحتى رؤساء تحقيق المخافر، وبالتالي فإن هذا الضعف الفني لا يمكن أن يتحمل كوارثه المواطن المسكين الممنوع من السفر، تاجرا كان أو مواطنا راغبا في العلاج أو المقيم الراغب في زيارة أسرته خارج البلاد، بل إن الأمر يوجب على أصحاب القرار في الإدارة العامة للتحقيقات النظر في ثلاث قضايا ووضعها على سلم الأولويات، وإلا شاركوا في مسلسل تعذيب البشر، والمتمثلة أولا في التشدد في قبول الشكاوى الجزائية التي ترفع للإدارة العامة للتحقيقات والتأكد بعد فحصها من اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات وليس القضاء المدني، وثانيا السماح لرؤساء التحقيق في المخافر برفع منع السفر لأنهم الجهة الأقرب من التحقيق ومن ملف القضية، فلا يعقل أن تستغرق حركة الملف من المخفر مرورا بإدارة تحقيق المحافظة وصولا إلى الإدارة العامة للتحقيقات، والتي يمكن أن تستغرق 4 أيام وربما أسبوعا حتى ينظر في طلب رفع منع السفر، ومن ثم يعود الملف في أسبوع آخر إلى المخفر، بينما الأمر الأخير وهو أن يعاد النظر في عمل إدارة الادعاء بأن يتم تكليفها بدراسة كل القضايا الواردة إليها وقراءة الدفاع المطروح من المتهم والشاكي، وبعدها تقرر أمر الإحالة أو الحفظ بأن يتم النظر في أمر القضايا التي تستحق بالفعل الإحالة إلى المحكمة فيتم إحالتها، وحفظ القضايا التي تستحق حفظها حسبما ينص قانون الإجراءات على ذلك في معرض تناوله لأسباب حفظ القضايا.

أخيراً لا يمكن قبول وضع وشكل الإدارة العامة للتحقيقات الحالي سواء بمستوى قبول الشكاوى أو حتى التحقيق أو التصرف من دون مراعاة المهنية المطلوبة للعمل القانوني، ولذا ندعو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود إلى دعم الإدارة وهيكلها التنظيمي الجديد.