مع انعقاد تجمع "الأمة تكشف الذمة" المقرر مساء اليوم بساحة الإرادة تكون القوى السياسية استنفدت كل ما لديها من خطوات لحشد الشارع، وسيتعين عليها انتظار تحرك النواب باتجاه تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء على خلفية "الإيداعات المليونية"، وهو ما حدده النائب فيصل المسلم بيوم الخميس المقبل.

Ad

والسؤال المستحق: ماذا سيحدث إذا فشل الاستجواب لأي سبب كان؟

هناك ثلاثة احتمالات لإجهاض الاستجواب، الأول: إحالته إلى المحكمة الدستورية للنظر في دستوريته، إما لعدم مسؤولية رئيس مجلس الوزراء المباشرة عن "الإيداعات المليونية" وإما لاعتباره متعلقا بقضية منظورة أمام النيابة العامة، والثاني: عدم تمكن مقدم أو مقدمي الاستجواب من حشد 25 صوتا للموافقة على طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي سقوط الاستجواب وتجديد البرلمان ثقته بالرئيس، والثالث وهو الأبعد: تمكن المستجوب أو المستجوبين من الحصول على تأييد 25 نائبا والموافقة على طلب عدم إمكان التعاون، واتخاذ صاحب السمو أمير البلاد خياره الدستوري بحل مجلس الأمة وفقا للمادة 102 من الدستور التي تضع بين يديه قرار إعفاء رئيس مجلس الوزراء من منصبه، وتعيين وزارة جديدة أو حل مجلس الأمة، والدعوة لانتخابات مبكرة، وتفضيله الخيار الثاني وتجديد ثقته بالشيخ ناصر المحمد وتسميته رئيسا لمجلس الوزراء ليبلغ معه أبعد نقطة يكفلها الدستور لإبقائه بمنصبه، ثم لم يتمكن المجلس الجديد من إسقاط الرئيس لعدم حصول المعارضة على دعم أغلبية النواب لطلب عدم إمكان التعاون معه.

هذه الاحتمالات واردة وربما يدخل عليها عامل حل المجلس قبل مناقشة الاستجواب أو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة للالتفاف على المساءلة، أخذا بالاعتبار أن جميع الاستجوابات التي قدمت بحق الشيخ ناصر المحمد ودفعت إلى حل المجلس أو استقالة الحكومة لم تقدم مرة أخرى، وهي تعديل الدوائر 5/2006 (السعدون، المليفي، المسلم)، والقيود الأمنية 11/2008 (الطبطبائي، البرغش، هايف) ومصروفات ديوان الرئيس 3/2009 (المسلم) وضياع هيبة الدولة 3/2009 (الصانع، الحربش، الشايجي)، مسجد الفنيطيس 3/2009 (هايف).

إن على المعارضة الجديدة استيعاب خطورة ما تقوم به، فالمسألة ليست مجرد شحن انتخابي وتسجيل مواقف ورفع سقف المساءلة السياسية، وإحراج الآخرين ووضعهم في مواجهة أمام الشارع للضغط عليهم للحصول على مواقف تتماشى مع أهوائهم، لأن فشل الاستجواب المفترض سيعني ضمنيا حماية رئيس مجلس الوزراء وتحصينه دستوريا على يد معارضيه، وسيتعذر بعدها القيام بأي جهد للإطاحة به، وستضيع معها جميع المحاولات الجادة لإقرار تشريعات مكافحة الفساد.

بالمقابل على مدى 45 يوما منذ نشر جريدة "القبس" خبر "الإيداعات المليونية" وحتى اليوم، لم نر سوى عبثا تمثل بتصعيد سياسي لتسليط الضوء على القضية ومتبنيها ومحاولات لتهييج الشارع للضغط باتجاه إقالة رئيس مجلس الوزراء، وضخ جرعات تفاؤل بقرب نهاية مرحلة الشيخ ناصر المحمد رافقتها تسريبات من هنا وهناك حول من سيخلفه، واستعراض مفرط للقوة صاحبه عويل على مستقبل البلد، بينما فشلت على الأرض مساعي النواب لعقد دور انعقاد طارئ لمناقشة قضية "الإيداعات المليونية"، ولم تنجز اللجنة التشريعية مشاريع قوانين مكافحة الفساد، وكشف الذمة المالية لأن من تزاحموا على حضور الندوات المسائية تناسوا أن دورهم التشريعي يكون داخل المجلس لا في الساحة المقابلة له.