عندما تختار المعارضة السورية أن تكون إحدى جُمع الاحتجاجات للمجاهد الكبير صالح العلي, الذي قاد أول ثورة على المستعمرين الفرنسيين والذي رفض إنشاء دولة علوية وتمسك بوحدة سورية, فإن هذا هو الرد المُفحم على الذين يتهمون المحتجين بأنهم يحاولون إثارة الغرائز الطائفية، وحقيقة إن هذه الانتفاضة المتصاعدة ما كانت بدافع طائفي وإنها استهدفت ولا تزال عائلتين بقيتا تسيطران على هذا البلد بكل ما فيه منذ عام 1970 وحتى الآن، وهما عائلة الأسد وعائلة أخوالهم آل مخلوف.
لم يُسمع هتافٌ واحدٌ له طابع طائفي وبقي الشعار المرفوع هو شعار الوحدة الوطنية، وذلك مع أن خطاب الإعلام الرسمي كان ولا يزال خطاباً طائفياً، فاتهام المحتجين بالطائفية لأنهم يطالبون بإسقاط النظام القصد منه إخافة الطائفة العلوية وإشعارها بأنها هي المستهدفة وإفهامها بأن «الطائفة» هي هؤلاء الذين يتحكمون بالعباد ويحكمون البلاد، وان عائلتي الأسد ومخلوف بما أنهما هم الحُكم فهما بالتالي هذه «الطائفة».ليس في مصلحة سورية ولا في مصلحة الشعب السوري ولا العرب والأمة العربية أن تُعطى هذه الانتفاضة, التي هي ثورة وطنية باسلة أهدافها نبيلة وتطلعاتها عظيمة, الصفة الطائفية على الإطلاق ولعل ما يسترعي الانتباه أن إعلام «حزب الله» اللبناني وإعلام حركة «أمل» بزعامة نبيه بري يلتقي مع الإعلام الإيراني في التسعير الطائفي وأنه يتعاطى مع الاحتجاجات السورية طائفياً ويدافع عن هذا النظام السوري طائفياً، وأنه أيضاً يتبنى علويي جبل محسن في طرابلس اللبنانية وينحاز ضد سكان حي باب التبانة في هذه المدينة نفسها على أسس طائفية.وحتى بالنسبة للأوضاع في مملكة البحرين فإن انحيازات «حزب الله» وحسن نصر الله وحركة «أمل» ونبيه بري وبالطبع إيران والإعلام الإيراني وفوق هؤلاء جميعاً رئيس وزراء العراق نوري المالكي, وللأسف, هي انحيازات طائفية مقيتة وهذه أمور باتت معروفة وواضحة ومؤكدة، ولعل ما يزيدها وضوحاً هو كل هذا التدخل السافر من قبل دولة الوليّ الفقيه وأجهزتها في مجريات الأحداث التي تعصف بسورية التي عنوانها: «الشعب يريد إسقاط النظام».لا يجوز تحميل الطائفة العلوية مسؤولية استبداد تحالف عائلتي الأسد ومخلوف بسورية وشعبها وخصوصاً أن هذه الطائفة الكريمة فعلاً قد تحملت من ظلم «ذوي القربى» هؤلاء ما تحمله الشعب السوري كله وأن عائلاتها الرئيسية التي عارضت وقاومت انفراد عائلتي الأسد ومخلوف بالحكم وبالسلطة وبالنفوذ مثل عائلة عمران وجديد وماخوس وكنعان قد تعرضت لحملات تصفيات متلاحقة تمثلت في اغتيال محمد عمران, الذي كان من ألمع ضباط سورية وأكثر الضباط العلويين نفوذاً, في طرابلس اللبنانية في بدايات سبعينيات القرن الماضي، وفي إلقاء صلاح جديد في سجن المزة أكثر من عشرين عاماً إلى أن توفي في إحدى زنازين هذا السجن الانفرادية وفي تصفية غازي كنعان الذي كان حاكم لبنان قبل انسحاب القوات السورية منه في عام 2005 لأنه تعاون, كما يقال, مع اللجان الدولية التي تولت التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
أخر كلام
من هو الطائفي؟!
27-06-2011