على مشارف العام الحالي اختتم الملتقى الثقافي الثاني أعماله بتوصيات كبيرة وفضيحة أكبر عرّاها الكاتب صالح الشيحي بتغريدة على صفحته في "تويتر" تقول: "ما كان يحدث في بهو ماريوت عار وخزي على الثقافة... إلخ".

Ad

هذه التغريدة أشعلت النار بين المثقفين في السعودية، فمنهم من هاجم الأستاذ الشيحي، ومنهم من أسقط مزيداً من النور على هذه الفضيحة.

الدكتور صنهات العتيبي قال في تغريدة أخرى له: "اجتماع المثقفين السعوديين الجدد في اجتماعهم الثاني تحوّل إلى غزل وترقيم وقلة حياء... إلخ".

الشاعر والكاتب حزام العتيبي قال في تغريدة أخرى: "بعض محرري الثقافة وعواجيزها يساومون بعض الصغيرات القادمات لدنيا الثقافة".

طبعاً في المقابل هناك من ثارت ثائرته على الأستاذ الشيحي وطالبه بإثبات ما ادعى، ووصلت النار إلى "بشت الوزير"، حيث عبّر الأستاذ الشيحي عن نيّته في مقاضاة وزير الإعلام والثقافة السعودي (إن أمكن ذلك) لتورطه في المعركة بين طرفي الصراع وانحيازه لأحدهما.

الحقيقة أنا لا أعلم ما حدث هناك لأنني لم أكن مدعوا إلى ذلك الملتقى، حيث لم توجه الدعوة إلى أي من الشعراء "الشعبيين" لحضور هذا العرس الثقافي، لأنهم ليسوا من ضمن قائمة المثقفين، أو لأنهم "يفشّلون" أو ربما للسببين معاً، ونحمد الله أن الشعراء الشعبيين لم يكونوا هناك وإلا كانوا سيُتهمون بأنهم وراء "قلة الحياء" التي تحدث عنها الدكتور العتيبي، فهم دائماً الرعاع الذين لا يتورّعون عن القيام بكل فعل شائن يشوّه وجه الثقافة القمري!

ولكن إن كان ما حدث حقيقة فنحن أمام إشكالية معقّدة وكبيرة.

نحن نتمنى أن يصبح هذا المجتمع مجتمعاً طبيعياً كأي مجتمع آخر، تكون فيه المرأة إلى جانب الرجل في شتى مناحي الحياة الثقافية وغير الثقافية، ونحلم بهدم هذا الجدار العازل الفظيع بين الجنسين ضمن إطار يضمن لكل فرد  كرامته.

فمن المخجل أنه عندما تتاح مثل هذه البارقة يقوم البعض بتشويهها، ومن المخجل أكثر بل إنها الكارثة بذاتها عندما يكون هذا البعض هم أولئك الذين يحملون مشعل الثقافة وراية التنوير في المجتمع، وهم يعلمون أن مثل هذه الممارسات تعيد المجتمع إلى المربع الأول في ساحة التخلف.

الإشكالية الأخرى، أن من لديه الإحساس بأن على عاتقه المساهمة في كسر حصار التخلف الذي يحيط بالمجتمع، ويرفض مثل هذه التصرفات الدنيئة والشائنة من قبل من حسبهم معه في ذات الخندق، يصبح بين نارين، فهو إما أن يفضح مثل هذه السلوكيات فيستغل حراس الظلام ذلك ليقولوا: شهد شاهد من أهلها، أو أن يصمت ليواجه صوت الضمير الذي لا يُخرس!

والسؤال الذي يمثل ربما الإشكالية الأخرى، لماذا توكل غالباً مثل هذه المهام التي تمثّل خطوة باتجاه بناء مجتمع طبيعي لأشخاص غير طبيعيين؟! هل هي الرغبة في خلق مثل هذا الصراع بين تيار التخلف والتيار المضاد، وحتى داخل التيار المستنير نفسه؟! أم هي محاولة للإيحاء بأننا غير جديرين أصلاً بمجتمع أفضل نستحقه؟! أم أن الفساد لا يزوّج إلا من يرتضي دينه؟!