من غرائب الدنيا أننا أصبحنا نرى أحداثاً تتكرر بصورة تكاد تكون طبق الأصل في مقدماتها وتطوراتها، ولم تبق إلا نهاياتها حتى تكون نسخة مصورة من أحداث سبقتها وبفترة وجيزة لم تغب تفاصيلها عن أذهاننا، فمن يتابع ما يحدث في الشقيقة سورية ويدقق بالتفاصيل والبدايات واستكبار النظام هناك واستعلائه على مطالبات شعبه واستخدامه لكل آلات البطش والعنف، وعدم اكتراثه بأعداد الضحايا التي تتزايد مع غروب كل يوم، ورفضه الاستماع إلى صيحات الثكلى، وأنات الجرحى، ونصائح المحبين، وتهديدات الدول العظمى، لابد أن يسترجع شريط الأحداث التي تمت في ليبيا، وكيف تسارعت الأمور هناك حتى اضطر العالم إلى التدخل، ودفع النظام إلى النهاية بصورة لم يشهد العالم الحديث لها مثيلاً.

Ad

الغريب في الأمر أن الدنيا كلها من مشرقها إلى مغربها تقارب بين الحدثين، وتتحدث عن تطابق المقدمات وتطور الأحداث، وتتوقع تشابهاً في النهايات إلا رأس النظام السوري ومن حوله، فهم مازالوا يصرون على أن سورية تختلف عن ليبيا، وأن ما حدث هناك لن يتكرر في سورية.

ولو التفتنا شرقاً فإن الأحداث المتسارعة في إيران تكاد تكون أيضاً نسخة طبق الأصل لما حدث في العراق، فالسيناريو يعاد مرة أخرى وبنفس التفاصيل والتطورات، وبنفس البراهين والمعلومات الاستخباراتية، وروسيا والصين تمانعان فيزداد الإيرانيون إصراراً على المضي في طريقهم وإظهار أدواتهم العسكرية، واستعدادهم لتدمير إسرائيل كلها، وضرب مصالح أميركا في المنطقة بل وتطوير صواريخ يصل مداها إلى الغرب... كما أننا أصبحنا نسمع عن موعد قريب لتوجيه ضربات غربية إلى إيران لوقف استمرارها في تطوير المفاعل النووي، ثم نسمع تكذيباً لهذه الأنباء، ثم تأكيدها وهذا بالضبط ما حدث للنظام العراقي الذي كانت نهايته رغم عنجهيته في أيام معدودات.

****

ما كاد كادر المعلمين يمر عبر التصويت في مجلس الأمة حتى بدأ أمس إضراب الإداريين العاملين في المدارس، الذين لم ينصفهم الكادر وزاد الفجوة بين مرتباتهم ومرتبات زملائهم المعلمين معهم في نفس المكان، وهكذا نجد أن الكوادر أصبحت ككرة الثلج نعلم حجمها في البداية لكننا لا نستطيع أبداً أن نعرف ما سيصير إليه حجمها في النهاية، وخاصة إذا غاب فعلنا في الأحداث وأصبحنا لا نفكر إلا في ردود الأفعال تجاه كل أزمة يحدثها المضربون هنا أو هناك، والحبل على الجرار والنتائج النهائية في علم الغيب... والله يستر.