كلمة راس: العمل السياسي بين التجمع والفردية
العمل السياسي، الذي يحمل رسالة، ويهدف إلى تحقيق أهداف محددة، ويسعى إلى الإصلاح والتغيير، لا يمكن إلا أن يكون عملاً جماعياً ينطلق من تنظيم يرتب الأولويات ويحدد التكتيكات اللازمة لكل قضية، ويسعى إلى الاتصال بأكبر قطاع من الناس، لشرح أولوياته والدفاع عن قراراته وتحشيد الناس حوله، واستخدام كل وسائل الضغط المشروعة لتوجيه القرار نحو ما يريد ويهدف، لذلك فإن العمل السياسي الفردي هو عمل غير مجد وجهد ضائع، ينتهي في نهاية المطاف إلى التبعية والاصطفاف القسري خلف هذا القرار أو ذاك، ولعل المراهنين على قلة الوعي الشعبي في الكويت لهذه المسألة يخسرون رهانهم، فقد صار الكلام وخاصة خلال الانتخابات عن أسماء التجمعات أكثر منه عن أسماء المرشحين، وأصبح الناخبون واعين كثيراً، وصاروا يسألون عن الانتماء السياسي قبل أن يسألوا عن الانتماء العائلي، وحتى داخل القبيلة أصبح الناس يصنفون المرشحين المنتمين إلى نفس القبيلة على توجههم السياسي وانتماءاتهم الفكرية، أنا هنا لا أدعو إلى التوجه نحو تشريع الأحزاب السياسية، لكني أصف حالة قائمة وأجواء سياسية معيشة، وممارسة واقعية لا يستطيع أن ينكرها إلا جاحد ومكابر، نعم هناك ممارسات تشوش على هذه الصورة شاهدناها كثيراً في المجالس السابقة، والمجلس السابق على وجه الخصوص، وهي اختلاف المواقف بين ممثلي التجمعات السياسية، وتصويتاتهم المختلفة، فنرى أحدهم يصوت بنعم، والآخر يصوت بلا على نفس الموضوع، دون أي حرج أو توضيح من التجمع، وهذا بلا شك يشوش على صورة حتمية الاجتماع في العمل السياسي ونبذ الفردية، خاصة إذا تكرر هذا الوضع وأصبح غالباً وأمراً جلياً لا يستطيع المتابع إلا التوقف عنده. فالسياسي المنتمي يجب أن يلتزم بقرار الأغلبية ولا يكابر عليه ولا يزايد على التجمع الذي ينتمي إليه، ويمكن أن تستثني بعض الحالات الخاصة في قضايا خاصة وبترتيب مع المجموع، وإلا فإن المنتمي يصبح انفرادياً لا يختلف عن غيره من السياسيين غير المنتمين. ويمكن بالطبع للتجمعات السياسية أن تنتظم في تجمع أكبر، ويصبح تأثيرها أكبر وأعظم، وتستطيع تحقيق أهدافها بصورة أيسر وأكبر فاعلية، شريطة أن تحكمها المصالح العامة، وألا يستعجل كل فصيل منها لنيل النصيب الأكبر من الإنجازات، وألا يسعى أحد منها لقيادة هذا التجمع الأكبر ولا فرض أجندته عليه، والذي نراه هذه الأيام من اجتماع أعضاء المعارضة هو صورة لهذا الانتظام الأكبر، نرجو أن يكون اجتماع خير، وأن يعمل المنتظمون فيه لمصلحة الكويت والسعي نحو تحقيق طموحات أبنائها.