فن «الغرافيتي» أحد الفنون التي تفجرت بعد ثورة يناير في مصر، وانتشرت على جدران البيوت والميادين العامة، وشاعت بين شباب الرسامين لحمل أفكارهم وطموحاتهم لكن ثمة من يحاربهم بمحو الرسوم وطلي الجدران المرسوم عليها. وثّق الكاتب والمصور الفوتوغرافي شريف عبد المجيد لحالة الكر والفر بين الرسام وماحي رسومه في كتاب أصدره حديثاً عن «الهيئة العامة للكتاب» بعنوان «أرض أرض... حكاية ثورة الجرافيتي». معه اللقاء التالي.

Ad

كيف استلهمت فكرة كتابك «أرض أرض... حكاية ثورة الجرافيتي»؟

بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وجدت شوارع القاهرة وقد أمتلأت برسوم فناني الغرافيتي، فإذا كان الفنان المصري القديم كتب الأحداث كافة في مصر الفرعونية على جدران المعابد، ففنان الغرافيتي سجّل ثورة 25 يناير أيضاً، لكن على جدران شوارع القاهرة.

أحسست أن عليَّ تصوير لوحات رسوم الجدران التي شهدت أحداث الثورة المصرية، فتنقلت لهذا الغرض بين شوارع وسط البلد، ثم توسعت إلى الإسكندرية، خصوصاً الكورنيش ومحرم بك، مكان مولد الشهيد خالد سعيد الذي كان قتله أحد الأسباب المهمة في اندلاع الثورة المصرية.

هل يكفي كتاب مصور لتوثيق الثورة؟

بالطبع لا يكفي كتاب فقط، لكن «أرض أرض» محاولة توثيق بصري لأحد الفنون التي نتجت من الثورة، ويشكل مع مجموعة الكتب الأخرى المصورة عنها سجلاً لأحداثها وانفعال المصورين بها.

كيف تجمع بين الكتابة والتصوير ولكل منهما عالمه الخاص؟

ينبع الجمع بينهما من شخصيتي، فقد اكتشفت موهبتي في الكتابة الأدبية وطورتها بنفسي. أما بالنسبة إلى التصوير فهو هوايتي التي ألجأ إليها عند الاستراحة من الكتابة وفي لحظات التأمل والحزن، وأحياناً في السفر لاكتشاف أماكن جديدة.

يرى البعض أن أعمالك الأدبية، من بينها «خدمات ما بعد البيع» و{فرق توقيت» و{جريمة كاملة»، تميل إلى السياسة أكثر من الأدب، ما رأيك؟

أعتقد أن السياسة جزء من العمل الأدبي، وربما تكون أحد مكونات أفكاري وتدخل في نطاق القصص العابرة، لكن طبعاً من دون تعسف وحسب مقتضيات العمل.

يقول بعض النقاد إن أعمالك تشبه السيرة الذاتية في إطار قصصي، ما رأيك؟

ربما تكون تلك رؤية بعض النقاد الذين تناولوا أعمالي، ولهم مطلق الحرية في آرائهم. كل ما أعرفه هو الكتابة، فيما تفسيرها ليس في نطاق مهمتي على الإطلاق. أحب التعرف إلى أثر كتاباتي سواء من زملائي أم القراء العاديين، الذين أقابلهم في الندوات وحفلات التوقيع.

تنتمي إلى جيل التسعينيات، إلى أي مدى ساهم في الكتابة؟

لا أستطيع تحديد ما الذي أضفته إلى الكتابة القصصية في مصر، وهذا ليس دوري. لكن كتاب التسعينيات عموماً يتسمون بمميزات كثيرة، أبرزها قدرتهم على الاشتباك مع الواقع واستعادة القارئ الذي هرب من كتابة السبعينيات التي بدت منغلقة على نفسها وكتابة الثمانينيات التي كانت ذروة الكتابة السبعينية. كذلك نجحوا في نشر العادي واليومي والمألوف والتكثيف والإيجاز. لكن بعد مرور سنوات طويلة على تلك الكتابة ظهر جيل ما بعد الألفية الثانية ومصطلح الكتابة الجديدة.

أعتقد أن المهم جودة العمل الأدبي بصرف النظر عن  الجيل الذي ينتمي إليه، وأن يعبر عن طموح الكاتب وعالمه الخاص.

صدر لك عدد من النصوص المسرحية، كيف ترى واقع المسرح راهناً؟

صدر لي نص مسرحي واحد بعنوان «كونشرتو الزوجين والراديو»،  واكتشفت حينها صعوبة نشر أي عمل مسرحي، فكل دور النشر تهتم بالرواية وبعدها القصة القصيرة وبعدهما شعر العامية ثم شعر الفصحى. أما المسرح فالاهتمام به ضئيل جداً، والمسارح كافة تقريباً تعاني نقص هامش الحرية والتمويل، ومسرح القطاع مثقل بمشاكل بيروقراطية تلتهم الميزانية كلها، لذا لا يتبقى إلا القليل لإنتاج المسرحيات ولولا المسرح المستقل والمسرح الذي يقدمه بعض الشباب من دون أجر في القاعات الخاصة سواء في الساقية أم قاعة «تاون هاوس» لمات المسرح المصري.

كيف تنظر إلى الحياة الأدبية بعد مرور عام على الثورة؟

ثمة قوى أكثرية في البرلمان ربما لديها توجهات مختلفة في الأدب والفن عن رؤية المثقفين. كذلك ثمة قوى سياسية أخرى ربما تعادي الثقافة، لذا على المثقف الاستعداد لمجابهة أي قوى تحاول أن تلغي مكتسبات الثقافة. فنياً، ثمة حماسة لدى الأجيال كافة في إنتاح أعمال أدبية تتضمن منطلقات جمالية متميزة. ربما يحتاج ذلك إلى وقت طويل، لكنه يمثل حلماً في أفق فني يتوازى مع عبقرية الثورة، والأولوية للكتب التي تقدم تسجيلاً وتوثيقاً وشهادات عن الثورة المصرية.

بالنسبة إلى المؤسسات الثقافية، نحلم بإلغاء وزارة الإعلام وجعل التلفزيون المصري هيئة مستقلة مثل هيئة الإذاعة البريطانية، كذلك نطمح إلى إلغاء وزارة الثقافة لتصبح هيئة تدعم الأفكار الفنية والثقافية.

أخبرنا عن جديدك.

أنتهي قريباً من كتاب مصور بعنوان «جرافيتي الألتراس»، ومجموعة قصصية بعنوان «القبض على سمكة».