اللحظة التاريخية

نشر في 21-12-2011
آخر تحديث 21-12-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. عبدالله محمد الوتيد مرت الكويت في الآونة الأخيرة، بمرحلة ولحظات تاريخية حرجة امتزجت بظاهرة إفساد مالي وأخلاقي لبعض أعضاء المؤسسة التشريعية وممثلي الشعب الكويتي، مما أشعل الشارع الكويتي غضباً وحسرة على هذه المؤسسة التي لطالما حاول أبناء الكويت جاهدين إبقاءها، ولعقود عدة ماضية، بعيدة عن الإفساد المتعمد الذي أصاب كلا الجهازين الإداري والحكومي اللذين فُقد الأمل في إصلاحهما لانحرافاتهما المتزايدة.

هذا الغضب الشعبي يتأتى من خلال المحاولات العديدة والمستمرة التي يشاهدها أهل الكويت للأفعال المتكررة في إضعاف دورهم وتحجيم أعمالهم، وتعطيل قدرة مجلسهم على القيام بواجباته ومسؤولياته المجتمعية. إعاقات مستمرة آخرها تقديم رشى لأعضاء منه باعوا مواقفهم، وبالتالي خانوا أمانة القسم الذي أقسموه أمام المجلس بأن يكونوا مخلصين للوطن والأمير واحترام الدستور وقوانين الدولة، وحريات ومصالح الشعب وأمواله وأن يؤدوا أعمالهم بالأمانة والصدق.

اشتعال الشارع الكويتي وانتفاضته ضد قضية "الإيداعات المليونية" المتعمدة والإصرار على كشف كل ملابساتها لحظة تاريخية وفرصة سياسية تتطلب منا استثمارها وتوظيفها بعقلانية ومنطقية واضحة الأركان، وبطريقة لا لبْس فيها ولا غموض، ودراستها بطريقة واعية وبأسلوب متأنٍ لسد جميع الثغرات والفجوات الآنية والمستقبلية التي قد تكون مدخلاً ومنفذاً لاستغلال نواب الأمة.

حماية الديمقراطية الكويتية واجب ومسؤولية كويتية مطلوبة من كل مواطن غيور على بلده ووطنه؛ لذا فإن علينا اقتناص هذه اللحظة التاريخية لتصحيح هذه الانحرافات البرلمانية؛ من خلال وضع كل ما يمكن وضعه من تشريعات وقوانين وإجراءات تكبل هذه الممارسات، وتعرقل النوايا وتلك التطلعات لدى من تسوّل له نفسه ارتكاب هكذا انحرافات.

هذا الأمر لن يحدث إلا من خلال اختيار واعٍ ومسؤول لأعضاء مجلس الأمة، يؤمنون بالديمقراطية الحقة ودورها التشريعي والرقابي المؤطر، على أن يكون في أول سلم أولوياتهم قضية الراشي والمرتشي.

علينا كشعب كويتي في هذه المرحلة أن نقدم الدعم وكل الدعم، السياسي والانتخابي والإعلامي لأطراف المعارضة التي ساندت الكويتيين في حمل مشعل الحراك السياسي ضد ظاهرة إفساد ذمم نواب الأمة، وعلينا كناخبين أن نتعاقد مع مرشحينا على مواثيق مكتوبة وعهود ملزمة ووعود قائمة بأن تكون قضية الراشي والمرتشي وسبر أسرارها وغموضها محور الأعمال البرلمانية لمجلس أمة 2012 القادم... هذه لحظتنا التاريخية قد أزفت فهل سنكون على قدر هذه اللحظة للتخلص من بؤر الفساد العالقة وأصحاب النفوس المتهالكة؟

وفي الخاتمة، ما عساي إلا أن أقول هذه الأبيات الشعرية واصفاً فيها من باع وطنه وخان أمانة الأمة:

رجال دخلاء سخافة مطلقة

رجال وأي رجال أخف من الورقة

ضعاف النفوس وتُخم الفلوس وأمة متحذلقة

تنافوا الصواب، وأبقوا الثواب، أأمة مستشرقة

دُمى، والله دُمى، في لعبة وخيوطها معلقة

back to top