المفترض بعد إزاحة علي عبدالله صالح الذي سيصبح الرئيس السابق، أن يتريث "تشطيريو" الجنوب اليمني كثيراً، وأن يعيدوا النظر في حساباتهم التي بقوا يطرحونها منذ عام 1994، فالأوضاع تغيرت كثيراً وأصبحت هناك إمكانية لإقامة الدولة الموحدة أو دولة الوحدة على أسس جديدة تكون فيها المواطنة للجميع، السنة الشوافع والزيديون والجنوبيون والشماليون، على قدم المساواة، وتكون دولة ديمقراطية مرجعيتها صناديق الاقتراع وتوجهات الشعب إن لم يكن كله فمعظمه.
لم تعد الشكوى من الابتلاع وفرض إرادة الشمال على الجنوب وسيطرة الزيديين على مقدرات البلاد مقبولة، فرئيس الدولة الموحدة الذي هو عبدربه منصور هادي الذي أصبح رئيساً للجمهورية هو من الشطر الجنوبي، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، ولقد كان مع بعض الاتجاهات الحزبية والشعبية الحق في الشكوى من الهيمنة والابتلاع، والحق في أن تنْتعِش لدى بعضهم النزعة الانفصالية التشطيرية، فتصرفات علي عبدالله صالح خصوصاً بعد حرب 1994 لم تكن تطاق، ولعل أبشع هذه التصرفات أنه تعامل مع الجنوب وأهله بصيغة المنتصر والمهزوم والغالب والمغلوب، ولقد تقصد إهمال مدينة عدن التاريخية التي كان يجب أن تكون بعد الاندماج العاصمة الاقتصادية للدولة كلها فعلاً وحقيقة.لم يتصرف علي عبدالله صالح مع الجنوب على أساس أنه جزء من الوطن الواحد الموحد، وأن أهله يقفون مع إخوتهم في الشمال على أرضية واحدة، بل تصرف على أساس إلحاق جزءٍ ثانوي بجزء رئيسي، وعلى أساس أن انتصاره في حرب 1994 كان انتصاراً على عدو يجب إذلاله ويجب ألا يكون متساوياً في الحقوق مع أشقائه الشماليين، وهذا أدى إلى إحساس بالمرارة والغبن، وانتعاش النزعة التشطيرية وسعي كثيرين إلى إحياء دولتهم الجنوبية التي كانت قد أُنشئت بعد كفاح مسلح بطولي وبعد تضحيات تُوجت باستقلال عام 1967.لكن، وقد حققت انتفاضة الشعب اليمني بعض أهدافها، إن لم تكن كلها، فإن هذا يجب أن يكون مبرراً كافياً لتراجع النزعة التشطيرية، خصوصاً أنه من المفترض أن يُعاد بناء دولة الوحدة على أسس جديدة غير الأسس السابقة، وأن يكون الطابع الفدرالي لا الإلحاقي هو الذي يربط محافظات البلاد، ومنها المحافظات الجنوبية، بالمركز، وأن تكون عدن العاصمة الثانية للدولة الموحدة، وأن تكون المركز الاقتصادي في هذه الدولة، ولهذا فإنه لا يجوز اغتيال انتفاضة الشعب اليمني المجيدة بهذه النزعة التشطيرية التي تستبد ببعض الجنوبيين، الذين عليهم على الأقل أن ينتظروا نتائج هذه المرحلة الواعدة.
أخر كلام
ما بعد رحيل صالح!
22-02-2012