الشقراء والقدوع

نشر في 04-02-2012
آخر تحديث 04-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عوض العازمي أكتب هذه الكلمات في وقت تلتهب فيه انتخابات مجلس الأمة في طقس بارد نسبياً، وإن شاء الرحمن وأمهلنا من العمر سأتناول موضوعها في الأسبوع القادم، حيث إنه موضوع الساعة، ولا يستطيع أحد تجاهله. أما حديثنا اليوم فهو "حديث كيف" وكلمات عن القهوة العربية الشقراء، فتناولها صباحا لا يعتبر وجبة غذائية أو مشروب الصباح، بقدر ما هو عادات وتقاليد راسخة عند جل أهل الكويت باديتها وحاضرتها، وإن كان البدو أكثر تمسكا بها. ولمن لا توجد عنده فكرة كافية أقول إن للقهوة قواعد وأصولاً في طريقة تقديمها وشربها، فأول ما يقدم للضيف أو للقادم هو "القدوع" أي "التمر"، وأكثر ما يقدم هو التمر من نوع "الخلاص"، وهو الأكثر طلبا، وبعد "القدوع" يقدم فنجان القهوة مملوءاً نصفه فقط، حيث لا يجوز ملء الفنجان كاملاً.  ولا ينتهي المضيف أو "المقهوي" من إعادة ملء الفنجان وتقديمه إلا بعد أن يهز الضيف الفنجان وهو فارغ، فعندئذ يكون الضيف قد انتهى من شرب القهوة، وبعدها يقدم له الشاي كما في أغلب الأحيان. فنجان القهوة يعتبره كثير من محبيه "دواء الرأس"، أو كما قال أحد الظرفاء كمسكن لآلام الرأس، فهو عند من تعودوا على تناوله سنوات طويلة "كيفٌ ومزاج وتهدئة للنفس"، فمنذ سنوات لم يكن هناك "ستاربوكس" أو غيره من المقاهي الشهيرة، وكان الشراب الأكثر شعبية فنجان "القهوة الشقراء". يقول الشاعر خلف بن هذال: ســــــووا لــــــي الكــــــــــيف وارهــــــــــو لــــــــي مــــــــن الـــــدلــــــــه البــــــــــــن الأشــــــــــــــــــــقــــــر يـــــــــــــــــداوي الـــــراس فـنــجــــــــــالـــه أذكر أني قبل سنوات كنت مسافرا "براً" إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، وكان والدي- شافاه الله وشافى مرضى المسلمين- معي بالسيارة، وكنا في شهر رمضان المبارك، أتذكر أننا على طريق الطائف متجهين إلى مكة وقبل السحور، وكنا مازلنا على الطريق البري الذي تكثر فيه محطات الخدمة والتسوق، فقلنا لابد أن نجد عندها القهوة الشقراء.  ومع شديد الأسف، ويا للمفارقة لم أجد الشقراء التي نريد، فأخذ الوالد يلوم ويعتب إلى أن يسرها الله في آخر محطة والتقينا بالشقراء، حيث كان الاستقبال حارا، وبحفاوة بالغة. وكان الله في عون أهل الكيف ومحبي الشقراء، بعد أن ازدادت أسعارها حتى تجاوزت العشرين دينارا، أما الهيل فتعدى سعر الكرتون الخمسين دينارا، ولكن كما يقولون "من يطلب الشقراء لم يغله المهر". أقصد القهوة.
back to top