حالة الإحباط وفقدان الثقة التي وصل إليها المواطن بالمؤسسة التشريعية أمر يدعو إلى الاستغراب ليس بسبب وجود نواب يعارضون أو يؤيدون سياسة الحكومة، فمثل هذا موجود في كل النظم الديمقراطية، لكن الغريب في الأمر هو كثرة تشويه صورة أعضاء مجلس الأمة عبر الاتهامات المتبادلة فيما بينهم بصورة غير مسبوقة.

Ad

"القيم والأخلاق لا تستوجب التشريع... لكن ما نسمعه من انهيار للمبادئ والمثل يجعلنا في أمس الحاجة إلى هكذا قوانين تحمي المال العام"... هذا التعليق وصلني من زميل عزيز على مجموعة مما كتبته عن أهمية إقرار هيئة مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية، وهنا توقفت لأجد نفسي أمام موضوع في غاية الأهمية، وهو حالة فقدان الثقة بكل من ائتمناهم واخترناهم ممثلين عن الأمة، صاحبي هذا ختم تعليقه بمثل "يا بو أحمد تغني لها وهي طرشة".

حالة الإحباط وفقدان الثقة التي وصل إليها المواطن بالمؤسسة التشريعية أمر يدعو إلى الاستغراب ليس بسبب وجود نواب يعارضون أو يؤيدون سياسة الحكومة، فمثل هذا موجود في كل النظم الديمقراطية، لكن الغريب في الأمر هو كثرة تشويه صورة أعضاء مجلس الأمة عبر الاتهامات المتبادلة فيما بينهم بصورة غير مسبوقة، وتصويرهم على أنهم مجموعة من المرتشين، وعلى قاعدة "كلنا لصوص".

كشف المستور لم يعد في الغرف المغلقة، والفضائح على عينك يا تاجر، وعلى مرأى المشاهد العربي، فالمحلي لم يعد يترس "يملي" الرأس، والقنوات الفضائية والصحف الصفراء وجدت ضالتها في الكويت، فهي تقتات على آلام الوطن وجراحه غير آبهة بما قد تجره علينا من ويلات الفرقة والتفرقة، فإلى متى يستمر السفهاء في صب الزيت على النار؟

هذا الواقع المرير عبّر عنه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، بشكل مباشر في كلمته التي ألقاها أمام المجلس "يؤلمني ما يعانيه وطننا الحبيب من صراع متواصل بين المجلس والحكومة، ويؤسفني انحدار وتدني الحوار ولغة الخطاب والتشكيك دون برهان أو دليل"، كما أن سموه ركز على أهمية دور الإعلام في العملية الديمقراطية لكنه حذر من انحراف بعضها عن جادة الصواب.

والرسالة الأخرى التي وجهها إلى أبنائه المواطنين "واجبكم الوطني يتطلب منكم متابعة مواقف نوابكم ومحاسبتهم إذا أساؤوا، وأن يكون الحكم على إنجازاتهم وفقا لمعايير المصلحة الوطنية".

الكلمات التي جاءت في دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة من قبل رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي متبوعة بكلمة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لم تخف التخوف من قادم الأيام، فالمرارة كانت حاضرة وإن أكدا أهمية الممارسة الرقابية وترشيدها في إطارها الصحيح مع عدم إلقاء التهم جزافاً ودون دليل، كما أن جاسم الخرافي ذكر بشكل واضح الصراع الدائر حول كرسي الرئاسة مذكراً بأن هذا الأمر له قنواته الدستورية!

أمنية:

أن تفي الحكومة بوعودها وتنفذ برامج التنمية ومشاريعها، وأن يقوم النواب بدورهم التشريعي والرقابي، فالشعب لا يمكن خداعه ولن يسمح لأحد بجره إلى صراعات وأجندات خاصة، لذا على السلطتين الاحتكام إلى دستور الكويت وعدم القفز عليه.

بعد هذا تأكد يا صاحبي "نغني لها وهي تسمع" إن شاء الله.

ودمتم سالمين.