صورة أخرى طفحت على السطح لتعكس حجم الاحتقان الطائفي وعمقه في المجتمع الكويتي الصغير، وهذه المرة من خلال المغرد ناصر أبل، وما تبع ذلك من تداعيات سواء على شكل ردود الأفعال في شبكات التواصل الاجتماعي أو التصريحات الصحفية أو المقالات أو حديث الدواوين.
وكان من الواضح أن ردة الفعل التلقائية والفورية مما نسب إلى المغرد أبل، والموقف سواء المدافع عنه أو ضده جاء مغلفاً ومعبأً بالشحن الطائفي، ومن أمثلة ذلك كانت ردود الأفعال الغاضبة على تصريحات النواب الشيعة على الرغم من أن النائبين مسلم البراك وصالح الملا كانا من بين المدافعين عن أبل، وعلى الرغم من أن معظم هذه التصريحات كانت تتمحور حول مبدأ حق التعبير عن الرأي من جهة، ومعالجة القضية برمتها في أروقة النيابة والقضاء مع إبعادها فوراً عن أتون الأجهزة الأمنية كالمباحث وأمن الدولة من جهة أخرى، إضافة إلى استنكار العبارات المشينة والجارحة والبغيضة التي وردت على حساب الأخ ناصر أبل الإلكتروني، والتي لا نختلف إطلاقاً على كونها مثيرة للفتنة، وفي توقيت بالغ السوء والخطورة.وسواء كانت هذه العبارات التي نسبت إلى المغرد أو تم تلفيقها وفبركتها من خلال «الهاكرز»، يبقى لزاماً علينا، ومن كل المنطلقات الشرعية والوطنية والأخلاقية وواجبات الأخوّة والمواطنة، أن نرفضها ونحذر من نتائجها، ليس خوفاً من أحد ولا من دواعي المجاملة، ولكن لأنها بالفعل نذير شؤم وشرارة لفتن لا تميز من يحترق بنارها، وفي زمان أضرمت من حولنا نيران الفتن بأشكال وأنواع كثيرة، سواء بجهالة وسوء تصرف أو عن عمد وإصرار.وأيضاً من باب الصراحة، وإن كانت مُرَّة وثقيلة، نقول لناصر ولكل مغرد ومدون وكاتب ولكل أبنائنا، إن ديننا وخلقنا، بل سيرة رسولنا الكريم وأئمتنا الأطهار وأسوتنا الحسنة من كبار العلماء، والشخصيات التي نعتبرها مشكاة للطريق، اختارت حسن الخلق وحسن المعشر وحسن الخطاب وحسن المجادلة، ونبذت الشتم والقذف والتجريح المشين.نعم نختلف في المواقف، ونجد لزاماً الدفاع عن الحق والمبادئ التي نعتقد بها، ولنا مطلق الحرية في انتقاد الآخرين وتقديم النصح، ولدينا كنوز من الكلمات والعبارات التي يفيض بها قاموسنا اللغوي، ويمكننا الاختيار والانتقاء، فلماذا لا نحسن الاختيار؟وقد يقال إن هناك مغردين ومواقع في المقابل تحمل مضامين مشابهة من الألفاظ والكلمات القبيحة والمنكرة وتصل إلى حد التخوين والتكفير بعد السباب والتجريح والإهانة، ولكن معالجة الخطأ بالخطأ وسكب الزيت على النار لم ولن تعالج مثل هذه الاختلافات، بل ستزيدها جرحاً وألماً وكرهاً متبادلاً.ولذلك نقول، وكما قلنا بشأن أبل، لنترك القضاء يأخذ مجراه، ولنجعل القانون هو صمام الأمان، ولنتحمل كثيراً من الألم وحرقة الصدور لعل العدالة تهذّب سلوكنا وتحسّن أفعالنا وأقوالنا.وقد يقال إن هناك ازدواجية في المعايير، وإن الحكومة ترضخ للصوت العالي وتخنع للتهديد والوعيد، ومعالجة هذا النوع من القصور يجب أيضاً أن يُترك لأهل الاختصاص وضمن القنوات الخاصة بها.وقد يقال إن الرأي العام من حقه أن يوجه ويعبر عن رأيه، وهذا أيضاً مطلب ذو وجاهة واستحقاق، ولكن يجب على أهل الرأي والقدوة الحسنة أن يشاركوا ويساهموا في توجيه الرأي العام هذا، وتقريبه وتلطيف أجوائه؛ لأن الخطورة الكبرى والكارثة العظمى تكمنان في النفخ العاطفي والطائفي في الرأي العام، وتخندقه ومواجهة بعضه ببعض، وهذه مسؤولية مجتمعية شاملة ولا تقل فيها درجات الأدوار وحجم التضحيات وأمانة الحفاظ على شبابنا من الضياع!كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
لناصر وكل ناصر!
14-06-2011