سينما آسيا

نشر في 17-06-2011
آخر تحديث 17-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد بدر الدين وُلدت آسيا، التي تتصدّر رواد السينما المصرية، عام 1908 في بلدة تنورين اللبنانية، وجاءت إلى مصر عام 1923 مع شقيقتها وابنة شقيقتها ماري كويني، فاستقرّت في القاهرة بعد إقامة قصيرة في الإسكندرية، وشغفت بمشاهدة الأفلام السينمائية وتمنّت الدخول إلى عالمها الخاص.

قصدت آسيا الممثلة عزيزة أمير لعلمها بأن الأخيرة تستعدّ لإنتاج «ليلى» أول أفلامها، وظهرت في أحد مشاهده في دور كومبارس عام 1927، منذ ذلك الوقت ارتبطت حياة آسيا بالسينما المصرية، ممثلة ثم منتجة كبيرة، صاحبة مسيرة واكبت السينما الصامتة والناطقة على امتداد عقود.

أنتجت آسيا أفلاماً مهمة ومميزة بالغة التنوّع، وقدّمت فناً محترماً وجاداً حتى أطلق عليها «سيدة الإنتاج الرفيع»، فكان «غادة الصحراء» (1929) أول فيلم لها من إخراج وداد عرفي، ثم «وخز الضمير» (1931) إخراج إبراهيم لاما وتعاونت فيه للمرة الأولى مع أحمد جلال، الذي كتب القصة  والسيناريو والحوار ومثّل فيه دور وكيل النيابة ولقي نجاحاً جماهيرياً، وقد صوّرت مناظره بين آثار مصر الفرعونية في الأقصر وأسوان وغيرهما.

أما الفيلم الثالث فكان «عندما تحبّ المرأة» (1933)، قصة وسيناريو وحوار وإخراج أحمد جلال، الذي قدّمت معه آسيا 10 أفلام، هكذا أصبح الثنائي آسيا ـ جلال ظاهرة مميزة في السينما المصرية، وكان «العريس الخامس» (1941) آخر تلك المجموعة من الأفلام، وهي جميعها من إنتاج آسيا وتمثيلها عدا فيلم «فتاة متمردة» الذي أنتجته ولم تمثّل فيه.

بعدها أسّس جلال مع ماري كويني، بعد زواجهما، شركة إنتاج سينمائي خاصة بهما، أما آسيا فقدّمت هنري بركات كمخرج للمرة الأولى في فيلم «الشريد» (1942)، الذي شكّل باكورة تعاون بينهما أثمر 15 فيلماً من إنتاج آسيا وإخراج بركات، وقد أدّت آسيا بطولة ثلاثة منها: «المتهمة» (1942)، «أما جنان» (1946)، «الهانم» (1946) فكان خاتمة أعمالها كممثلة من بعده اكتفت بالإنتاج.

أنتجت آسيا لأهم المخرجين، من بينهم: أحمد كامل مرسي، حسن الإمام، حسن الصيفي، أحمد بدرخان، عز الدين ذو الفقار، يوسف شاهين، وكمال الشيخ، وأنتجت لحساب مؤسسة السينما (القطاع العام) فيلماً من إخراج توفيق صالح.

تتّسم سينما آسيا باحترام فن السينما واحترام المشاهد، جدية الإنتاج البعيد عن أي استخفاف أو إسفاف، تنوّع ملحوظ من خلال تقديم أفلام صامتة وناطقة، أفلام بالأبيض والأسود وبالألوان، فقد تابع جمهورها أفلاماً: كوميدية، دراما عاطفية، تاريخية، وطنية، استعراضية وبوليسية...

قدّمت آسيا في وقت مبكر فيلماً تاريخياً هو «شجرة الدر» (1935)، وأنتجت «الناصر صلاح الدين» (1963) الفيلم التاريخي الأضخم في السينما المصرية.

من إخراج كمال الشيخ، قدّمت آسيا فيلم «حياة أو موت» (1954) الذي جاء تجربة سينمائية مميزة ومختلفة آنذاك، وضمن التنوّع أيضاً نرى «عيون ساحرة» (1934) الذي يندرج ضمن أفلام الخيال العلمي والرعب. هكذا، لم تتوقّف آسيا عن خوض التجارب والنوعيات.

تقول آسيا في حديث لمجلة «الكواكب» ( 23 يوليو 1974): «... لا يمكن أن أقدم على إنتاج فيلم إلا إذا أحسست بالقصة أولاً وتحمّست لها وتمنيت أن أراها مجسّدة أمامي، وعندما أجد هذه القصة أتحمّس لإنتاجها ولا تبهرني إلا الكتابة التي تنبض بالأحاسيس، ولا بدّ من أن تحتوي على مشاعر إنسانية فياضة... كمنتجة لا أنظر إلى المكسب المادي كهدف وهذا، في رأيي، سرّ نجاح أي منتج، أن يضع في اعتباره الإجادة في كل شيء وفي كل اختيار وفي إعطاء الفيلم حظّه من الناحية المادية، وقتها لا بدّ من أن ينجح الفيلم...».

ثم تضيف آسيا عبارتها المهمة الواعية الدقيقة: «فالجماهير تعطي لمن يعطيها».

فازت آسيا بجوائز كثيرة وعرضت أفلامها في المهرجانات الدولية من بينها: «ست البيت» (مهرجان «كان» 1949)، «حياة أو موت» (مهرجان «كان» 1955)، «رُدَّ قلبي» (مهرجان بروكسل 1958)، «الناصر صلاح الدين» (مهرجان موسكو 1963، المهرجان الإفريقي - الآسيوي في جاكرتا 1964)، «اللقاء الثاني» (مهرجان «كان» 1967) وغيرها.

حقاً تعطي الجماهير لمن يعطيها وستظلّ ذاكرة الجمهور وذاكرة السينما تبادل آسيا وسينما آسيا احتراماً باحترام.

back to top