نحو جيل ثقافي

نشر في 12-06-2011
آخر تحديث 12-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 ناصر الظفيري في جلسة في أحد مقاهي أوتاوا العربية ضمنا لقاء سريع أنا والشاعر محمد النبهان والروائي السعودي محمد حسن علوان، ومحور حديثنا هو عن عدم قدرة الأدباء الشباب في الكويت على خلق جيل يمثلهم وأسباب اهتمامهم بالعمل الفردي أكثر من العمل الجماعي الذي يشكل لهم خطا أدبيا له معالمه الابداعية، ويمكن أن يضعهم في مشهد ليس متشابها بالضرورة، ولكنه مشهد متقارب يمكّن الباحث والناقد من دراسة تجربتهم الكتابية والابداعية في ضوء مشكلاتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية.

وحقيقة الاشكال الجيلي قديمة في الكويت سببها القديم كثرة الفجوات بين جيل وآخر، وخروج أصوات متباعدة زمنيا ومختلفة ابداعيا وصراعات شكلية وانتماءات سياسية لأفكار قومية أو يسارية أو دينية. وربما يعود ذلك الى طبيعة المجتمع الكويتي في تلك الفترات واحتواء الكويت لمجاميع من المثقفين العرب ينتمون الى مشارب سياسية وفكرية مختلفة جعلت انتماء الكاتب الكويتي مرهونا بانتمائه الى هذه النزعات تبعا لثقافته الخاصة التي تلقاها من تلك المشارب أو لاحتكاكه المباشر بأصحاب هذه الأفكار. وكان صوت جيل الدعوة القومية هو الصوت الأكثر حضورا في فترة الثمانينات حتى سقوطه الذريع بعد عام 1990 وسقوط الدعوة القومية باحتلال الكويت وتوقف الكثير من الأصوات أو تراجعها وارتباكها وتوقفها الجزئي ان لم يكن الكلي في السنوات التالية للتحرير.

بعد فترة التحرير شهدت الساحة نشاطا أدبيا شكّل ما يمكن اعتباره صوت جيل جديد ابداعيا يتناول قضية الكويت ككيان مستقل له خصوصيته وثقافته وخرجت القصة والرواية بنصيب الأسد من الكتابات الابداعية وبرزت مجموعة من الأسماء المبشرّة بخط أدبي مخلص لقضية عادلة كما اختلت التركيبة الثقافية بعد التغير الديموغرافي للجاليات العربية في الكويت. ولكن الجيل التسعيني لم يصمد طويلا وخفت الصوت العالي للكتابة والنشر في ذات العقد التسعيني.

الفترة المشرقة في الحياة الثقافية والتي نعوّل عليها كثيرا هي ظهور الأصوات الشابة في العقد الماضي والتي نجحت في اضافتها اسهامات مميزة للكتابة القصصية والروائية والشعرية ومشاركة من تبقى من الجيل السابق في الكتابة، ولكنها أيضا فشلت في تكوينها ما يمكن تسميته بالجيل الثقافي وربما لأسباب أخرى تختلف عن أسباب الجيل السابق.

الجيل الشاب الحالي مثقف ثقافة مختلفة عن سابقه وعلاقته بالاشكال السياسي أقل حدة مما سبق وهو يقدم ما يمكن أن نطلق عليه الاهتمام الإنساني العام، ولكنه يفشل جماعيا، بينما ينجح فرديا لأسباب يمكن أن نحصرها في علاقته بالآخر. فهم يعملون بفردية خالصة منكفئين على ذواتهم وربما يجتمعون على شكل ثنائيات أو يشتركون على صفحات الفيس بوك وهو تعاط ليس له أن يجمعهم كجيل له ملامحه المشتركة.

المساحات المتاحة حاليا تكاد تكون معدومة وغير مناسبة للجيل الحالي لتعاطيها الكلاسيكي مع المفهوم الثقافي والحل الوحيد الذي أمامهم هو خلق تجمع يليق بتجربتهم الجميلة ويضم لهم أصواتا جديدة تشاركهم ذات الوعي الأدبي وعودتهم الى صفحات جرائدهم الثقافية التي أثق أن القائمين عليها يرحبون بهم وبإسهاماتهم. ليس من الصعب على الجيل الحالي أن يجد مكانه المشترك وينشئ تجمعه الخاص به وتوحيد صوته الابداعي وما يقتل ابداعهم هو تباعدهم غير المبرر.

back to top