المجلس العسكري... ماذا تنتظر؟
"لقد ظلمت المجلس العسكري... لماذا تتحامل عليه؟". هكذا قال صديقي تعليقا على مقالاتي السابقة، فكان ردي "عذرا فالسؤال يجب ألا يكون: هل المجلس العسكري ظالم أم مظلوم، ولكن السؤال: هل المجلس العسكري ناجح أم فاشل؟".إن العدالة والظلم يتحددان في ساحة القضاء، كما أن الهزيمة والنصر يعلنان في ساحة القتال، ونحن لا نحكم على المجلس العسكري عسكريا ولا قضائيا لكننا ننتقده سياسيا، ومادام المجلس العسكري اختار بنفسه العمل السياسي فمن حقنا أن نسأل: هل المجلس العسكري ناجح أم فاشل؟
أجزم أننا لو سألنا 100 شخص هذا السؤال لأجاب 90 منهم إنه فاشل، وإن اختلفت أسباب الفشل وتباينت مظاهره بين كل شخص وآخر، واختلاف الأسباب يعني بداهة تنوعها وكثرتها مما يضفي على الفشل بعدا أكبر وعمقا أكثر.لقد تولى المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد منفردا منذ 11 فبراير الماضي، فهو الذي يحكم ويصدر القوانين والتشريعات ويشكل الحكومة ويدير الإعلام... إلخ. أي أنه بصراحة شديدة يفعل كل شيء، وهو يقوم بذلك رغبة منه لا طلبا ورجاء من الشعب، فالشعب لم يحلم مثلا أن يحكمه المجلس العسكري، ولم يطالب بذلك، ولكنه رحب بوجوده في البداية أملا في الاستقرار واستتباب الأمن، ولما فشل المجلس في ذلك وشغل نفسه بالتشريعات والتعديلات الدستورية وإصدار القوانين زاد فشله، فلا نجح أمنيا ولا تفوق سياسيا.كانت آخر مظاهر فشل المجلس العسكري– كما أقر الجميع- معالجته لأحداث "ماسبيرو"، وإن شئنا الدقة سماحه بها منذ البداية، فقد كان معلوما للجميع أن هناك بوادر أزمة، وأن التظاهرات القادمة لن تكون كسابقتها، وكان هذا شعور الجميع، بل أعلنه بعض مثيري الفتنة صراحة في التظاهرات السابقة على أحداث "ماسبيرو"، وإن كان هذا شعور المواطنين، وما قيل صراحة فمن باب أولى أن تشمله تقارير المخابرات العسكرية والأجهزة الأمنية، فلماذا لم يتحرك المجلس العسكري لوأد هذه الأحداث قبل حدوثها؟ هنا يكون السؤال: هل للمجلس العسكري مصلحة ورغبة فيما حدث؟منذ أحداث إمبابة والمجلس العسكري يصرح أنه سيعلن أسماء المحرضين والمسؤولين عن الفتنة ويقدمهم إلى النيابة والمحاكمة فلماذا لم يفعل؟ لماذا لم يعلن؟ لماذا سمح باستمرار النار تحت الرماد ليندلع الحريق مرة أخرى؟ ولماذا...؟ ولماذا...؟ ولو ابتعدنا قليلا عن الأحداث الطائفية فماذا فعل المجلس العسكري في التشريعات السياسية والتعديلات الدستورية؟ لقد تقمص دور الوالد، وحاول ارتداء ثوب الحكمة، وأخذ يبحث عن حل يرضي جميع الأطراف، فيميل يمينا ثم يعتدل يسارا ثم يعود مرة أخرى فبدا كالعاجز فاقد القدرة لا يستقيم أمره ولا يثبت طريقه.لا أريد أن أطيل وأكرر ما سبق قوله في مقالات سابقة، ولكن في النهاية إذا كان المجلس فاشلا، فماذا ينتظر ليرحل؟ هل ينتظر المزيد من الأحداث الطائفية؟ أم المزيد من الحوادث الانتخابية؟ أم المزيد من التدهور الاقتصادي والشلل الأمني؟ ماذا ينتظر؟ لا أحد يعلم ماذا ينتظر المجلس العسكري؟عذرا، يبدو أنه– كما قال أحدهم (بخبث)- ينتظر الانتهاء من محاكمة مبارك وإعلان براءته ليعيد إليه أمانته التي سلمها إياه في 11 فبراير. هل هذا حقا ما ينتظره؟!***أتمنى أن يرتدي المجلس العسكري ثوب الشجاعة الحقيقية، ويعلن أسماء رجال الدين ورجال الأعمال المتورطين في أحداث "ماسبيرو" ولا يكتفي بالإشارة إليهم دون تحديدهم.***استغل بعض كتّاب الخليج أحداث "ماسبيرو" واستعاروا عيون زرقاء اليمامة، وأخذوا يتحدثون عن حقوق الأقليات وامتد نظرهم إلى آلاف الكيلومترات وفشلوا في رؤية ما بين أقدامهم، فهل هذا بعد نظر أم...؟