الحياة جميلة في الكويت مهما كانت المنغصات، وحياتنا اليومية ككويتيين تزخر بكم هائل من الأفراح الصغيرة واللحظات السعيدة، فعيشوها واستمتعوا بحياتكم، وخففوا من «التحلطم» الدائم فهو أكثر ظاهرة سلبية دخيلة على هذا المجتمع... أين لجنة الظواهر منها؟!

Ad

سأل عالم النفس الفرنسي «وليم مارستون» مرة 300 شخص هذا السؤال: "من أجل ماذا تعيش؟" فأجاب تسعة من كل عشرة إنهم يعيشون بانتظار معجزة تحدث في المستقبل، قريب يموت فيورث ثروة كبيرة، ورقة يانصيب مليونية، حسناء ثرية تقع في حبه، يمضي أحدهم حياته وهو ينظر إلى عقارب الساعة في انتظار غد مجهول، ساخطا على اللحظة التي يعيشها، لاعنا حظه التعس، متبرما من الدنيا التي لم تنصفه، مع أنه يحيا بشكل طبيعي جدا ولا يعاني أي مشاكل حقيقية!

هؤلاء، وأعرف كثيرين منهم، لم يتعلموا تقدير "الأفراح الصغيرة" التي تزخر بها حياتهم اليومية، وهو أمر مؤسف بحق، فحياة أي إنسان رغم أنها تحمل بعض الحزن والأسى في عدد من محطاتها، لكنها تقدم لنا كل يوم نصيبا وافرا من الأفراح الصغيرة التي لا نشعر بها ولا نقدر قيمتها؛ لأننا اعتدنا عليها وحسبناها من طبائع الأشياء وبدهيات الأمور!

يقول الروائي "ستورم جيمسون": "لدي إيمان تام بأن شخصا واحدا فقط من كل ألف يعرف طريقة يتحايل بها على حياته بمعايشة الواقع والاستمتاع في لحظته الحاضرة، فمعظمنا يقضي تسعا وخمسين دقيقة في الساعة وهو يعيش في الماضي، أو في المستقبل الذي يتوق إليه ويخشاه في الوقت ذاته، والطريقة الوحيدة للعيش والمضي قدما هي في تقبل كل دقيقة كمعجزة لن تتكرر، وهي كذلك بالفعل!".

نحن في الكويت أصابنا في الآونة الأخيرة مرض الشكوى من كل شيء، اجلس بجانب أي أحد وأنا أضمن لك أنه سيسوّد عيشتك في دقائق، سوف يشكو لك بلا مناسبة مشاكل العمل والبيت والأولاد وزحمة المرور والحر، وراتبه الذي لم تشمله الكوادر، ثم سيتحول فجأة للحديث عن السياسة ليشمل الجميع بلعناته، فالمجلس انبطاحي والحكومة فاشلة ومستقبله ومستقبل أولاده مظلمان، وأنه لو يملك مليون دينار فقط لا غير لترك البلد بمن فيه ورحل منذ زمن بعيد!

في "الفيسبوك" و"تويتر" وباقي أدوات التواصل الاجتماعي يكثر "التحلطم" بين أبناء شعبنا "البائس" الذي يخيل لمن لا يعرفه أن أفراده يعيشون شبه عرايا، وتفتك بهم الأوبئة والأمراض ويقتل بعضهم بعضا من أجل لقمة العيش، وليس شعبا يعيش في رخاء وحرية وديمقراطية، يسافر كل عام للسياحة ويقتني أطفاله "البلاك بيري والآيفون"، ويقود شبابه السيارات الفارهة وتكتظ مطاعمه الفاخرة ومقاهيه بالزبائن ليل نهار، فلماذا هذه الكآبة والبؤس المصطنع يا ترى؟!

سئل كاتب يوناني مرموق مرة عن ظاهرة الروايات الدائمة الحزن واليأس التي انتشرت حقبة من الزمن: "هل تنطبق هذه الظاهرة عليك؟" فهز رأسه نفياً، وقال:

"كلا، فبالنسبة إلي، هناك مأساة واحدة في الحياة وهي أنها قصيرة، وفي وجه تلك المأساة التي لا تعادلها مأساة يجب أن نكون سعداء كل لحظة... بقدر ما نستطيع"!

الحياة جميلة في الكويت مهما كانت المنغصات، وحياتنا اليومية ككويتيين تزخر بكم هائل من الأفراح الصغيرة واللحظات السعيدة، فعيشوها واستمتعوا بحياتكم، وخففوا من "التحلطم" الدائم فهو أكثر ظاهرة سلبية دخيلة على هذا المجتمع... أين لجنة الظواهر منها؟!