أليس غريباً أن تنتهي عدن، عاصمة دولة اليمن الجنوبي السابقة، إلى قاعدة لـ"القاعدة" مع أن الحزب الاشتراكي اليمني الذي اتخذ هذا الاسم بعدما اندمج به فرع حزب البعث هناك، وبقي يحكم هذا الجزء من الجغرافيا اليمنية على اعتبار أنه امتداد للجبهة القومية التي قادت حركة الاستقلال ضد الاحتلال البريطاني منذ عام 1967 وحتى الذهاب في عام 1990 إلى الوحدة مع الشطر الشمالي هرولة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، وبعد أن دخل زعماء القبيلة الماركسية في دوامة تصفيات، بعضهم ضد بعض انتهت بتلك المذبحة الرهيبة التي قُتل فيها عبدالفتاح إسماعيل، ومعه عدد من كبار قادة المسيرة الاشتراكية التي انتهت نهاية مأساوية. خلال حكم الحزب الاشتراكي (اليمني) بادر الرفاق هناك، بعضهم انحاز إلى شيوعية الصين وماوتسي تونغ في حين أن البعض الآخر انحاز إلى شيوعية موسكو التي كان يعتبرها التروتسكيون والماويون ومعهم ألبانيا أنور خوجا "إمبريالية جديدة"، إلى تغيير أسماء الشوارع والمناطق وتسمية المدارس، على قلتها، بأسماء كبار رموز المفكرين والقادة الشيوعيين مثل: فلاديمير أليتش لينين، وروزا لوكسمبورغ، وغرامشي، إضافة إلى لين بياو وهوشي منه... وكثيرين غيرهم! كان هؤلاء "الرفاق" يواجهوننا بابتسامات سخرية عندما كنا نقول لهم إن من الأفضل لو أنهم أطلقوا على مدارس وشوارع بلادهم أسماء قريبة من وجدان الشعب اليمني، في الجنوب وفي الشمال، مثل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومثل ابن خلدون والفارابي وابن سينا وعمر بن عبدالعزيز والبيروني وعمر الخيام والمتنبي، ولقد ثبت، وهذه هي النتائج تتمثل بكل هذا الوجود لـ"القاعدة" بنهجها التدميري في عدن وفي لحج وحضرموت وردفان، أن الماركسية بكل رموزها واتجاهاتها كانت غريبة ولا تزال غريبة في منطقة تعتبر فيها قبور الأولياء الصالحين ومراقدهم مواقع مقدسة يذهب إليها الناس للتَّبرُّك والاستشفاء!!.. إذْ لا يصح إلا الصحيح، والصحيح هو أن الإسلام متجذِّر في الوجدان العربي ولا يمكن استبداله بالماركسية ولا بكل النظريات المستوردة الإلحادية. المهم أن الرئيس علي عبدالله صالح مُصرّ على الاستمرار في استخدام هذا الاختراع الذي اسمه "القاعدة" ليبقى رئيساً لليمن السعيد ما دام أنه على قيد الحياة، وهو الآن عاد ليلعب لعبة التشكيك بإمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد في الحادي والعشرين من فبراير المقبل بسبب الاضطرابات وغياب الأمن، وبهذا فإنه يُثبت أنه مناور بارع، وأنه كما استفاد من حكاية الماركسية في الجنوب، فإنه استفاد أيضاً ولا يزال يستفيد من نقيضتها رغم كل هذا الذي يجري في اليمن وفي المنطقة.
Ad