كلما شاهدت مواطناً كويتياً مكبل اليدين والأرجل بـ»اليديد»… شعرت بغصة في داخلي، وسألت نفسي لماذا هذا المشهد؟ ولماذا هذه الصورة؟ قد يكون مرتكباً جنحة نصب واحتيال، وربما جناية اتجار بالمواد المخدرة، لكن هناك شكلاً أفضل لتكبيله، وهناك ممرات لائقة لنقله خلالها دون أن ينقل بين الممرات ليشاهده كل من في المبنى ويكون في ذلك اليوم «حدث اليوم»!

Ad

ليس ذلك المشهد الأسود فحسب، بل الأفظع منه ما شاهدته الأسبوع الماضي من أحد أفراد الشرطة الذين يدخلون المساجين، وتحديداً في القاعة 1 في محكمة التمييز، عندما قام بتهديد سجين بعدما أدخله قفص المحكمة قائلاً: «أوريك تحت وأعلمك الشغل ويصير خير تحت»، ويقصد تحت السرداب الذي يتم تجميع المساجين فيه بعد إحضارهم من السجن إلى المحكمة، فرد عليه السجين، وهو قد يبلغ من العمر قرابة 28 عاما، بالقول: «لا خلاص وماراح أتكلم خلاص صدقني ماراح أتكلم»، فرد الشرطي: «لا حبيبي يصير خير تحت وراح أوريك الشغل» أي الضرب!

انتابني غضب من ذلك المشهد الظالم والمرعب، وتمنيت لو أنني صرخت في وجه ذلك الشرطي وطلبت من المستشار بعدما قرر عقد الجلسة تحرير محضر تهديد بحق ذلك الشرطي إزاء ما فعله بالسجين وما يفعله هو وغيره بالسجناء الذين يتم إحضارهم إلى قصر العدل حتى يفكر ألف مرة في أن يهدد إنسانا وأن يبعثر كرامات البشر مرة أخرى!

أي عدالة ستحقق على هؤلاء المساجين أو تلك التي يتمنونها وألسنة العنف والتهديد والوعيد تطاردهم منذ خروجهم من السجن حتى وصولهم إلى قصر العدل؟ أي عدالة يريدون تحقيقها والإهانات والسب والشتيمة لهم ولأسرهم تطلق بحقهم وهم في طريقهم إلى مرفق همه تحقيق العدالة لهم؟!

أي جرم ارتكبه ذلك السجين، أو غيره من السجناء، عندما تهامس مع زميله أمامي، ولم أشاهده يصرخ في وجه الحضور أو يلعب بحواجبه أو حتى يخرج لسانه بوجه الشرطي، حتى يهدده بتلك الصورة، وأجزم بأنه ليس الوحيد، فهناك العشرات من رجال الشرطة وحدث أمام عيني بقاعة تجديد الحبس في عام 2009 عندما قام رجل شرطة بخنق سجين في القاعة لأنه تحدث مع آخر يجلس جنبه؟! وحادث آخر وقع أمام المحامي ناصر الهيفي أيضاً في تلك الفترة!

قد تكون ظروف ذلك السجين الاجتماعية أو النفسية أو أي ظروف جعلت منه مجرماً أو مخطئاً، فمرد عقابه إلى القضاء يقرر العقوبة وحده ويحكم باسم صاحب السمو أمير البلاد، لا أن يأتي شرطي ليقوم مقام القانون ويطلق السباب والشتائم على السجناء والنزلاء الموجودين لمجرد أنهم مساجين وتحت رحمته… أي إنسانية هذه يا معالي وزير الداخلية؟!

أذكر أنني والزميل محمد الشرهان قمنا في عام 2002 تقريبا بإجراء تحقيق صحافي عندما كنا في «القبس» داخل السجون، وكان وقتها العميد مجبل المطيري مديراً للسجن العمومي، وحينها كان يسمى «سجن طلحة»، هذا الرجل كانت له شعبية كبيرة جدا بين نزلاء السجن، لأنه كان يتعامل معهم، سواء مواطنين أو مقيمين، كإخوة وبإنسانية واحترام شديدين، فكم نحتاج اليوم من مجبل المطيري ليحترم بعض رجال الداخلية آدمية وإنسانية بشر كل ذنبهم أنهم متهمون، وقد يصدر القضاء أحكاماً ببراءتهم أو إدانتهم، فقليلاً من الاحترام!