التدخل الأجنبي يتم دائماً من أجل حماية مصالح الدول الغربية التي كانت الأنظمة المستبدة تحافظ عليها قبل سقوطها، وكل ما هو مطلوب الآن هو البحث عن حلفاء جدد يحافظون على هذه المصالح، وهو ما يعني أن التدخل الأجنبي لا علاقة له بنشر الديمقراطية والحرية إلا إذا كانتا من نوع يحافظ على مصالح الغرب ونفوذه في المنطقة.

Ad

واهم من يظن أنه من السهولة بمكان استبدال الأنظمة الاستبدادية بأنظمة ديمقراطية حديثة خلال فترة زمنية قصيرة، إذ إن عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلى بيئة اجتماعية واقتصادية وسياسية مناسبة وتستغرق عادة وقتاً أطول مما يتوقعه عامة الناس، وتتطلب تضافر جهود كل من لديهم مصلحة في تغيير الوضع القائم.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن الأنظمة الاستبدادية تتشبث بالسلطة حتى الرمق الأخير ثم تنهزم مرغمة سواء بفعل الإرادة الشعبية أو بالتدخل الخارجي بعد أن تكون قد دمرت البنى التحتية وخلقت قيماً اجتماعية وثقافية متخلفة تؤثر سلباً في نفوس البشر تجاه عملية التغيير الديمقراطي تبشر بها وتروّج لها قوى سياسية متخلفة، سمحت لها الأنظمة المستبدة بالوجود والانتشار، وتحارب عملية التغيير الإيجابي من خلال طرح شعارات فضفاضة وعاطفية وغير واقعية تخدم في المحصلة النهائية الثورة المضادة. إذا ما أخذنا كل ذلك في الاعتبار، فإن عملية التحول الديمقراطي تصبح أكثر صعوبة وتعقيداً مما يتصور البعض وتحتاج إلى وقت طويل نسبياً لكي تضحى أمراً واقعاً.

وفي هذا السياق، فإن التدخل الأجنبي يعطل عملية التحول الديمقراطي الحقيقي لأنه ليس في مصلحة الثورات العربية الوليدة بل يساعد الثورات المضادة التي لا تزال قوية رغم كل ما يقال عن أن هذا التدخل هو لمصلحة الشعوب الثائرة، وذلك لسبب بسيط جداً، وهو أن التدخل الأجنبي يتم دائماً من أجل حماية مصالح الدول الغربية التي كانت الأنظمة المستبدة تحافظ عليها قبل سقوطها.

كل ما هو مطلوب الآن هو البحث عن حلفاء جدد يحافظون على هذه المصالح، وهو ما يعني أن قضية التدخل الأجنبي لا علاقة لها بنشر الديمقراطية والحرية إلا إذا كانتا من النوع الذي يحافظ على مصالح الغرب ونفوذه في المنطقة، وخير شاهد على ذلك هو ما يجري في العراق منذ سقوط نظام الطاغية صدام.

لهذا، فإن الدعم السياسي الذي يقدم للنظام المستبد في سورية من قبل جماعات وأحزاب "التشيع السياسي" لأسباب طائفية لا يختلف البتة عن المعارضة السياسية لأسباب طائفية بحتة حيث إنه لا علاقة لهما بدعم الشعب السوري البطل، بل إنهما سيمهدان الطريق للتدخل الأجنبي في سورية سواء بشكل مباشر أو بعد اندلاع حرب أهلية طائفية، وهو الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي على الثورات العربية الوليدة ومن ضمنها الثورة الشعبية في سورية التي لم تنجز بعد مهامها الوطنية التي قامت من أجلها، خصوصاً أن هناك تحركات دولية وإقليمية متسارعة لا يمكن بأي حال من الأحوال إطلاق صفة البراءة عليها.