في شعر فهد بورسلي الكثير من الوجع والضيم، والكثير من التهكم المر والنقد اللاذع، وفيه استغاثات عالية النبرة طالباً خلالها الإنقاذ، ممنياً النفس بالخلاص من محنة الحبس والمرض والعجز، متوسلاً العفو عن (ذنوب) لا نعرفها يقيناً، ربما كانت سبباً في سجنه واستدراجه إلى المصحة العقلية. وتكاد نصوص الاستجارة وتوسل الخلاص والإنقاذ تطغى على موضوعات شعره جميعها، يوجهها تارة إلى الحاكم والشيوخ وعلية القوم، وتارة إلى أصدقائه ومعارفه متوسماً فيهم النخوة والعون في الشدة، وتارة ثالثة إلى أهله وأبناء عمومته، ولكن لا حياة لمن تنادي، إذ يبدو أن تلك الاستغاثات ذهبت أدراج الريح! من أمثلة ذلك هذا النص الذي قدم له المرحوم الأستاذ عبدالعزيز حسين بكلمة منها:
"لفهد بورسلي هذه الأيام قصة أليمة، فلأمر من الأمور – ليس الجنون على أي حال – حل فهد في مصح الأمراض العقلية ليقضي فيها أياماً طالت إلى شهور حتى غدت حياته بين المجانين جحيماً لا يطاق. زرته في المصح يوم عيد الأضحى المبارك فما حمدت من حاله شيئاً، وحسبك بشخص تام العقل مرهف الشعور يعيش في معتقل للمجانين، ويخضع لحياة رتيبة مملة بين مناظر مؤلمة وضوضاء صاخبة".إلى أن يقول: "أطلعنا على القصيدة التي نظمها مؤخراً لكي تكون شفيعاً له عند أميرنا المعظم، فوعدناه بضم صوتنا إلى صوته لكي ينظر سمو الأمير إلى أمره بنظره السديد، فإذا كان فهد في حال تدعو إلى أن يُعزل مؤقتاً فليعزل في مكان محترم لا يسيء إلى جسمه وروحه".ومن النص نقتطف هذه الأبيات:وا قلبي اللي بيّح الهم سدهأزرى الصبر يطفي لهايب وقيدهولّين يا حظ مريض وتردىصارت مناويه الجريبة بعيدهمن كل صوب الدرب عني يسدهلا هو مروغٍ بي ولا الدرب سيدهالحظ نايم والليالي مصدهيا سقم حالي يا حياةٍ زهيدهشكيت ما بي بالرجال أتجدهلجيت بالصحه وصارت مكيدهسهران ليلي بين جيبه وردههذا يون وذاك يرجس حديدهيا والد الكل بوفا ومودهيا من لنا تسنيع الاحوال بيدهإن كان أنا زلّيت وامري تعدىمنك العفو زايد ولا احدٍ يزيدهداخل عليك بجاه سالم وجدهالعفو عند المقدره منك أريدهترى ماذا قصد الشاعر بـ"المكيدة" و بـ"الزلة" التي أوردته المهالك؟ وعلامَ يطلب العفو؟! وهل كانت مساحة الحرية والتعبير عن الرأي – آنذاك – بهذا الضيق؟ وما هي يا ترى الخطوط الحُمر – اجتماعياً أو سياسياً – التي تجاوزها فهد بورسلي واستحق عليها عقوبة بهذا الحجم؟!(*) من مدونتي عين الصقر
توابل
من قتل فهد بورسلي؟ 2 – 3
19-07-2011