يكرر البعض أن نواب الصوت العالي في حاجة إلى نواب في الجانب الآخر صوتهم أعلى، وأن العقلاء من نواب المجالس السابقة لم ينجحوا في وقف التدهور في أداء مجلس الأمة ولا استطاعوا لجم الملسنين، وأن دخول النساء الذي توقع الناس أن يهذب أسلوب بعض النواب لم يؤد إلى نتيجة، وأن الحل بمعالجة هذا النوع من النواب المشاغبين بمشاغبين أشد يكونون في جانب الحكومة أو على الأقل ضد النواب المعاكسين. هذا المنطق الغريب يردده عدد من الناخبين يأتي نتيجة لرد فعل غير مدروس أو بتحريض واضح من بعض الفضائيات التي لا يهمها ما الذي يمكن أن يحدثه هذا في مجلس الأمة بل قد يكون مُناهم أن يصل الوضع إلى الأسوأ وننتقل من مرحلة الصراخ إلى السباب والخناق وفي النهاية إلى حل مجلس الأمة حلاً نهائياً. أليس الأفضل بدلاً من انتخاب مزيد من نواب التأزيم أن نزيد من النواب العقلاء؟ أن ننتخب المرشحين ذوي الكفاءة والقدرة على طرح برامج في مصلحة الأمة ومعالجة أي قصور بالحكمة والحزم؟ أليس من مصلحة الكويت أن تسير الأمور في مجلس الأمة بهدوء وبخطى ثابتة إلى الأمام بدلاً من التمتع بمعارك صوتية يكون الخاسر فيها نحن، وكل أمل لنا بالمستقبل الأفضل؟ هل حبنا لأفلام المغامرات أهم من تطوير بلدنا والتقدم بها إلى موقعها الأسبق حين كان ممثلو الأمة هم أبناءها المخلصين القادرين على تحقيق مطالب الشعب بالحجة والطرح المهذب واللغة العفيفة دون تخاذل أو لين أمام الحكومة؟ هل نريده مجلساً للأمة أم حلبة صراع؟ هل نريد مجلساً راقياً أو أعضاء عصابات تدخل المجلس لتحقيق نقاط في معارك كلامية وهمية يسجلها بعض الأفراد للتباهي بها في الديوانيات بإسكات هذا أو إفحام ذاك دون أن يحقق نقطة واحدة لمصلحة الشعب أو الوطن؟ لا بد أن نعي أننا أمام جبهة عاتية لم ولن تقبل بالدستور إلا إذا كان لتحقيق مصالحها، وأن هذه الجبهة توفر الأرضية المناسبة لخلق هذا النوع من التصادم. فنواب الصراخ والشتيمة وقلة الأدب يحققون بعلم بعضهم وبجهل آخرين وبالتبع ما تريده هذه الجبهة من تخريب للنظام الدستوري والعمل الديمقراطي. خذ عدد السنين التي ضاعت على الكويت من مثل هذه المناوشات بينما الفساد يستشري ويصل إلى كل زاوية في نظام الدولة بفضل هؤلاء، وتخيلوا إلى أين يمكن أن تصل الأمور لو زاد عليهم هؤلاء المرشحين الذين يعلنون من الآن أنهم جاؤوا لتأديب الآخرين. تصور حال البلاد ومستقبلها لو تحكم في مجلس الأمة هذان الفريقان. فهل هذا ما نريد لبلدنا وشعبنا؟! لنقطع خطة الفتنة ونحمي بلدنا بحسن الاختيار. أمامنا مرشحون ومرشحات قدامى وجدد. القدامى نستطيع أن نقيّم أداءهم السابق وطرحهم مواقفهم المعتدلة والحقة، والجدد نستطيع اكتشاف الجيد منهم ببرامجهم وتاريخهم وإنجازاتهم السابقة والحالية وفيهم شباب رائع يمثلون أطراف النسيج الكويتي كافة ويقدمون حلولاً عملية لقضايا الكويت ولديهم رؤى واضحة لخطط التنمية وتطوير الكويت وقضايا المواطنين. هل ننتخب العقل والحكمة والشجاعة والكفاءة أم نزيد الأمر سوءاً بانتخاب المصارعين و"القبيضة" والمتاجرين بمصير الأمة؟ الأمر كله بيدنا نحن الناخبين.
مقالات
حتى لا تزداد سوءاً
29-01-2012