تجاهل العرب لنصر أكتوبر العظيم: تجاهل العرب لنصر أكتوبر يدمي القلوب في مصر، وقد فرحوا بهذا الفور العظيم على الجيش الذي لا يقهر، والذي أمدته أميركا بكل الأسلحة الحديثة من خلال جسر جوي، على طائراته علم الولايات المتحدة الأميركية استمر لعدة أيام ليتمكن الجيش الإسرائيلي من إحداث ثغرة الدفرسوار، ليوقف زحف القوات المصرية في سيناء، وهي ثغرة لم تقلل من هذا النصر العظيم عسكرياً إلا في رأي العرب الذين تجاهلوا هذا النصر العسكري للجيش المصري، الذي اعترف كل الخبراء العسكريين في العالم بأنه كان إنجازاً عسكرياً لم يسبق له مثيل، سواء في عبور القوات المصرية هذا المانع المائي العظيم الذي لم تشهده الحروب السابقة أو عبور خط "بارليف" المحصن، والذي راهن وزير الحرب الإسرائيلي بارليف على أنه ليس في مقدرة أي جيش في العالم عبوره بعد عبور هذا المانع المائي، وأصبح هذا الإنجاز العسكري يدرس في أكاديميات وكليات أركان الحرب والمعاهد العسكرية في العالم.

Ad

إسرائيل والثورة المصرية: إلا أن الفريق ضاحي خلفان، قائد عام شرطة دبي، خرج على الصمت العربي في شهر رمضان، وفي منتدى الصحافة العربية في دبي، ليعترف بالنصر العسكري الذي حققه جيش مصر في أكتوبر، وأن إسرائيل لاتزال تفكر حتى الآن في الانتقام من مصر بسبب هذا النصر، وذلك في خطبة ألقاها في هذا المنتدى ولكنه صدم بها الشعب المصري عندما اختزل نصر أكتوبر في شخص الرئيس السابق حسني مبارك بقوله بأن إسرائيل تقف وراء الثورة المصرية انتقاماً من مبارك لأنه قام بالضربة الجوية في حرب العاشر من رمضان، وأن الحكم عليه سوف يصدر يوم 6 أكتوبر حتى تنسف إسرائيل إنجاز الرجل التاريخي.

الصدمة كانت مضاعفة الأثقال، من حيث أراد صاحبها أن يخرج على الصمت العربي معترفاً بنصر أكتوبر، أو من حيث أراد أن يبوح بمشاعره نحو الرئيس حسني مبارك، ذلك أنه بهذه المشاعر أخطأ محلها وأوردها غير موردها للأسباب الآتية:

1- إطلاق مشاعر معادية للشعب المصري: أن هذه المشاعر وإن كانت من حق صاحبها يكنها لمن يشاء ولو خالف بعقيدته في هذه المشاعر كل الناس، إلا أن إطلاقها في محفل عام من مسؤول كبير، له احترامه وتقديره بين أبناء شعبه، يصبح أمراً مستفزاً إذا كانت هذه المشاعر تمس عقيدة السواد الأعظم من الشعب المصري، التي تحتل الإمارات في قلوب أبنائه مكانة كبيرة والذي قام بثورة أذهلت العالم وراح ضحيتها مئات الشهداء لإسقاط نظام الرئيس مبارك وتنحيته عن الحكم وكان أولى بصاحب هذه المشاعر أن يحبسها في صدره.

2 - اختزال نصر أكتوبر في مبارك ظلم للشهداء: كما أن اختزال نصر أكتوبر 1973 في شخص الرئيس المخلوع حسني مبارك، لأنه صاحب الضربة الجوية للعدو الإسرائيلي، يتجاهل الدور العظيم للجنود المصريين الذين عبروا قناة السويس، وقد زرعت إسرائيل هذا المانع المائي بأنابيب النابالم لإطلاقها لتحيل القناة إلى بحيرة من نار تلتهم كل من يعبرها من قوات، ويتجاهل دماء الشهداء التي خضبت مياه قناة السويس، وخضبت دماؤهم صحراء سينا، وصنعت نصر أكتوبر وهو العبور الذي أدهش العالم كله.

3 - اختزال نصر أكتوبر في مبارك ظلم لباقي القادة: إن اختزال نصر أكتوبر في شخص أحد القادة في الجيش المصري يتجاهل أن قرار الحرب الذي قررته القيادة السياسية مع القيادة العسكرية، والتوقيت الذي حددته معها لعبور القوات المصرية، والخداع الذي قامت به القيادات العسكرية، للتعتيم على  الاستعدادات التي كانت تتم على قدم وساق لحرب أكتوبر، هو قرار صدر وفقاً لخطة محكمة وافق عليه قادة الجيوش، المنطقة المركزية والجيش الثاني والجيش الثالث والقوات البحرية والجوية وهيئة العمليات وهيئة التسليح وغيرهم من القادة العسكريين، الذين جمعتهم غرفة العمليات في السادس من أكتوبر مع الرئيس الراحل أنور السادات، وكانوا يعملون جميعاً فريقاً واحداً في كنّ مسكون لا فضل فيه لأحد على الآخر.

4 – مبارك أصدر أوامره بالطلعات الجوية: إن الرئيس المخلوع لم يكن قائداً لسرب من الأسراب التي طارت في الجو، بل منفذاً لهذه الخطة التي أعدت قبل العبور بشهور، ومن هنا أصدر أوامره للأسراب الجوية المقاتلة، بالطلعات الجوية التي تطلبتها الخطة، وكان من شهداء هذه الطلعات الشهيد الطيار عاطف السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات.

ولا يقلل من قدر مبارك أو غيره من قادة الأسراب في السلاح الجوي المصري، أنه كان أحدهم عندما ضربت إسرائيل الطائرات المصرية في عام 1967 وهي على الأرض.

5 – مبارك الكنز الاستراتيجي لإسرائيل: ويبدو أن الفريق ضاحي لا يتابع المحللين السياسيين الإسرائيليين والغربيين ومنهم كيسنجر الذي خرج عن صمته عندما سأله أحد الصحفيين عن رأيه في ما جرى في مصر، فأجاب بأن هذه الثورة ليس لها مثيل في كل ثورات العالم، لكي تقوم في كل محافظات مصر، وبصوت واحد وبنداء واحد بإسقاط نظام الحكم في مصر، وعندما سأله الصحفي بماذا ينصح نتنياهو أجاب بأن يعيد حساباته وقراراته، لأن شعباً يقوم بهذه الثورة هو شعب يجب أن يعمل لغضبه ألف حساب.

ويبدو أن الكثيرين لم يتابعوا ما نقلته إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير التجارة والصناعة في الكيان الصهيوني "بن اليعازر" عندما قال إن الرئيس المصري حسني مبارك كنز استراتيجي لإسرائيل وكان في رفقة رئيس وزراء إسرائيل في لقاء الرئيس حسني مبارك في شرم الشيخ في مايو سنة 2010، وكان يفترض في الرئيس مبارك أن يرفض لقاء بن اليعازر الذي كان مجرم حرب، اعترف بأنه قتل 250 من مقاتلي الكوماندوز المصريين بالعريش بعد أسرهم في حرب الخامس من يونيو سنة 1967، أثناء قيادته وحدة "أشكيد".

ومن الجدير بالذكر أنه لم يصدر من رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية أو وزارة الإعلام في مصر أي استنكار لهذا الوصف الذي وصف به وزير مسؤول إسرائيلي للرئيس مبارك.