الأيام العشرة الماضية، كانت بالنسبة لي من أسعد الأيام، لأسباب عديدة. أولها أنها كانت الفترة التي انعقد فيها معرض الكتاب، وهي مناسبة سنوية لها بهجة خاصة عندي، فمن يعشق الكتب والقراءة، كحالتي، يكون له هذا الأسبوع عيدا سعيدا ولا شك، فليس أعذب للنفس من التجوال بين المكتبات التي تكون قد اجتمعت في مكان واحد، وتصفح الكتب والسياحة بين سطورها لانتقاء المناسب منها!
السبب الثاني الذي جعل هذه الفترة من أسعد الأوقات، هو أني خلال فترة المعرض تسنى لي أن ألتقي العديد من الأخوة والأخوات من عشاق الكتب والقراءة، وتعرفت عليهم، وتجاذبت معهم أطراف الحديث، حول الكتب والثقافة وشجونها، ويا له من حديث جميل، كم كنت سعيدا وأنا أرى البهجة في عيون هؤلاء الأخوة والأخوات وهم يوجدون في المعرض، ويتشاركون انتقاء الكتب وتبادل النصائح حول الجيد والمفيد، وكذلك كنت سعيدا جدا حين أتلقى كلمات الشكر والتقدير منهم لقاء توصياتي بهذا الكتاب أو ذاك، أو مشاركتي في الأنشطة الثقافية على هامش المعرض. محبة الناس وتقديرهم هي من النعم الأعظم التي ينعم بها الله عز وجل على العبد، وأسأل الله عز وجل أن يجعلني أهلا لما نلته منها.السبب الثالث الذي ضاعف من سعادتي في هذه الفترة أنها كانت موعد إطلاق كتابي الجديد "اقرأ" وهو الذي تمكنت دار النشر، "دار مدارك"، ولله الحمد من إخراجه من فرن المطبعة قبل معرض الكتاب بيومين، فأحضرت منه كمية خاصة لهذه المناسبة، لتنفد لمرتين على التوالي، ولله الحمد، مما اضطرها إلى جلب المزيد بواسطة الطائرة من بيروت، وليبشرني الأستاذ وفيق وهبي، مدير الدار، في نهاية المعرض بأن أستعد للطبعة الثانية من الكتاب. هذا النجاح الفائق لكتاب "اقرأ" بهذه السرعة القياسية لم يكن متوقعا. ومما يثلج صدر كل إنسان ويسعده ولا شك، أن يعلم أن جهده الذي بذله، قد أثمر ولقي المأمول بفضل الله وتوفيقه، والشكر الجزيل لكل القراء الذين منحوني هذه الثقة وغمروني بهذا التقدير. السبب الرابع هو أن الحفل الذي أقامته "دار مدارك"، لتوقيع كتابي مع كتب الصديقين الرائعين تركي الدخيل وياسر حارب، وكتب الدكتور المبدع رشيد الخيون، كان حفلا ناجحا ورائعا إلى أبعد الحدود، حيث استقطب مئات الزوار، ممن أكرمونا بزيارتهم وتفاعلهم مع الكتب المعروضة. هذا النجاح لهذا الحفل الجماعي، غير المسبوق بطريقته وأسلوبه، أثبت لي ما كنت أكرره دوما في كتاباتي ومحاضراتي بأن الكتاب كأي سلعة أخرى، يمكن له أن ينجح من خلال الإبداع في عملية تسويقه، وأن المؤلف يمكن له أن ينال نصيبه من النجاح إن هو تم الاحتفاء به والتسويق له بالطريقة الذكية.كانت أيام عشرة سعيدة جدا ولا شك، وكان معرض الكتاب، بالرغم من كل جوانب القصور، والتي بحاجة إلى التطوير الكثير بطبيعة الحال، وبالرغم من كل الحديث عن موضوع منع الكتب، التي منها كتب كنت اقتنيتها شخصيا العام الماضي، أقول بالرغم من هذا كله، فإن معرض الكتاب لهذا العام كان جيدا جدا، وكان فعالية نشطة جدا. وما لدي من معلومات مبدئية يفيد بأن عدد الزوار لهذا العام قد تجاوز عددهم في العام الماضي، وهذا شيء مبهج فعلا.البعض يتندر بأن كثيرا ممن زاروا المعرض قد خرجوا دون اقتناء كتب، أو أن تركيزهم قد انصب على كتب ليست من مستوى عال، وأقول إن هذا غير صحيح، ولكن حتى وإن اقتربت المعلومة من الصحة في بعض الحالات، فإن هناك الكثير من الناس ممن لم يقتربوا من معرض الكتاب بتاتا، لذلك فإن مجرد الوجود في هذا الجو الثقافي، ومشاهدة الكتب والقراء والتعود على هذا المنظر الحضاري، وجعله من مفردات الحياة اليومية، هو نوع من أنواع الثقافة ولا شك، وهو بادئة خير لما سيليها من إقبال أكبر نحو الكتب والثقافة وعوالمها.شكرا جزيلا لكل من ساهم في إنجاح هذه الفعالية السعيدة، كاتبا وناشرا وقارئا، وكذلك من الجهات المسؤولة، وبالأخص المجلس الوطني للثقافة، وأيضا العاملين على اختلافهم وفي كل مجالاتهم. أسعدكم الله جميعا وبارك بجهودكم دوما.
مقالات
عيد الكتاب السعيد!
30-10-2011