في يوم 17 يونيو اليوم المحدد لانطلاقة حملة «سأقود سيارتي بنفسي»، وضعت إحدى السيدات مشهداً قصيراً على «يوتيوب» يصورها وهي تقود سيارتها، وعند البداية أدارت صوت المسجل لينطلق صوت يقرأ القرآن الكريم، ومن باب المصادفة جاءت آية تقول «يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين»، بعض الآباء والأزواج لم يتركوا نساءهم وحدهن فركبوا معهن لإسداء النصائح المناسبة لهن وربما لحمايتهن.

Ad

53 سيدة شجاعة خرجن للشارع يوم الجمعة وقدن سيارتهن دون أن يعترضهن أحد. حملة «أريد أن أقود سيارتي بنفسي» بلغ عدد المنتسبات إليها 28 ألف منتسبة، وأعلنت كثيرات منهن تحمسهن طوال فترة الحملة للخروج، لكن ثلاثة أرباعهن اكتشفن أنهن لا يعرفن قيادة السيارة، وأقل من الربع لم يخرج. والسبب الخوف. خائفات من تجربة لم يباشرنها في الشارع، خائفات من الطريق، خائفات من هجمات الشباب، خائفات من الشرطة، خائفات من هيئة الأمر بالمعروف، خائفات من تهم التخوين والإخلال بالنظام، خائفات من السجن، خائفات من زعل الوالدة، خائفات من بعض الدعاة الذين لن يجدوا أفضل طريقة لحماية الفضيلة سوى طعنهن في شرفهن، خائفات من اتهامهن بالتغريب والتمرد، وتحت جبل المخاوف هذا لن تجد قلباً يطيعك ويتطلع إلى القيادة.

النتيجة التي حدثت في 17 يونيو كانت أعلى من توقعات المحبطين وأقل بكثير من نسبة المتفائلين، لكن النتيجة أن 53 سيدة خرجن في اليوم الأول وعشرات خرجن في اليوم التالي ولم يحدث ما خاف منه السيدات وما خاف منه المجتمع، لم يعتد أحد عليهن لأن الشرطة كانت حاضرة لحمايتهن، الذئاب البشرية لم تخرج لأنها كانت فزاعة كبيرة أجادت الجهات المستفيدة والعقول الكسولة تربيتها وتسمينها، ما حدث من وجهة نظر كثيرين مشهد حضاري اجتازت فيه المرأة أول اختبار لها، ونجحت في تمييع شبهاته السياسية والاجتماعية، وترجم الأمن موقفاً مهنياً حكيماً في التعاطي مع المسألة.

حصول مها القحطاني على مخالفة مرورية في 17 يونيو هو أهم من حصولها على رخصة قيادة في نظري، لأنها أول سابقة تسجل وجود المرأة تسوق في الشارع، إلا أنها ستكون مثل عادل إمام في مسرحية شاهد ماشفش حاجة الذي طالبته إدارة الهاتف بتسديد فاتورة التلفون، فذهب وسدد الفاتورة، مع أنه لا يمتلك هاتفاً، وبرر فعلته قائلا: «خفت ليشيلوا العدة»، وكذلك السيدة فقد خالفتها شرطة المرور على عدم حملها رخصة سعودية لا تصرفها إدارة المرور، وعليها أن تسدد المخالفة حتى لا يسحبوا منها الرخصة.