وشهد شاهدٌ!!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
إن ما قاله رفعت الأسد لا يحوي القليل من الصحة، بل كل الصحة، إذ إن الرئيس السابق حافظ الأسد بقي يعتقد، وهو اعتقاد صحيح، أن القيادات البارزة عسكرياً من أبناء هذه الطائفة، هي التي تشكل الخطر الحقيقي عليه وعلى نظامه، وأن الأشد خطراً من بين هؤلاء اثنان، هما: صلاح جديد؛ الرجل الهادئ المثقف، وقائد الكلية العسكرية التي تدرب فيها حافظ الأسد نفسه، والثاني محمد عمران، العسكري المميز الذي شغل موقع وزير الدفاع بعد انقلاب "ثورة" مارس عام 1963، وهو أول من زرع بذرة الطائفية في القوات المسلحة السورية. تم التخلص من اللواء صلاح جديد بإيداعه السجن مع نور الدين الأتاسي رئيس الجمهورية قبل ذلك الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد على الحزب وعلى الحكم، وأطلق عليه "الحركة التصحيحية"، وإبقائه في سجن المزة الشهير في زنزانة انفرادية إلى أن تم نقله من السجن إلى القبر مباشرة. أما اللواء محمد عمران فقد أرسل له زعيم إحدى المنظمات التي تدَّعي أنها فلسطينية، بأمر من المخابرات السورية، امرأة لتقوم باغتياله في منزله في طرابلس اللبنانية، حيث كان يقوم من هناك، بعد أن فرَّ من دمشق ولجأ إليها، بأنشطة في صفوف كبار ضباط طائفته لإطاحة النظام القائم الذي كان يرى أن هناك من هو أولى به من تلك الزمرة الحاكمة.وبالطبع فإن "الحركة التصحيحية" أخذت في وجهها، كما يقال، د. إبراهيم ماخوس الذي كان من أكثر وزراء خارجية سورية ألمعية وحيوية، ويقيم منذ عام 1971 لاجئاً سياسياً في الجزائر، كما أزالت كل ضباط الطائفة العلوية الذين كانوا يوالون صلاح جديد ومجموعته، وبعد ذلك أخذت في وجهها غازي كنعان ومحمد سليمان وآخرين يعرفهم الشعب السوري، ويعرف أنهم أُزيحوا عن مواقعهم لتأمين الطريق لنظام الوراثة الذي يشكله تحالف عائلة حافظ الأسد مع عائلة مخلوف.ولهذا فإن ما قاله رفعت الأسد (أبو دريد) يجسد حقيقة موقف الطائفة العلوية، وهي حقيقة يجب أن تأخذها المعارضة السورية بعين الاعتبار، وذلك حتى لا يدفع الخيرون والوطنيون من هذه الطائفة ثمن جرائم نظام لا علاقة لهم به، ولا علاقة له بهم، بل حتى لا يدفع العلويون، الذين لا يزال كثير منهم، إما نزلاء السجون، وإما فارين إلى الخارج، الثمن مرتين؛ مرة خلال حكم حافظ الأسد وأولاده وأخوال أولاده، ومرة بعد إسقاط هذا النظام. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك من لا يزال يرى أن الخلاص هو بانقلاب عسكري إنقاذي بمشاركة عدد من الضباط العلويين، يكون مجرد مرحلة انتقالية نحو انتخابات رئاسية وتشريعية حقيقية ونزيهة لتنعم البلاد بعدها بالديمقراطية والتعددية السياسية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.