أنت مسافر هذه الأيام؟

Ad

إذن، فكن حذرا لكي لا تقع في المتاعب أو تتعرض لسوء الفهم، وانتبه للسانك وما يقول فقد تكون العواقب وخيمة للغاية، فمعاني الكلمات تختلف من بلد إلى بلد والمفارقات اللفظية لا تنتهي، فكلمة بريئة في بلدك قد تحمل معنى غير مستحب وغير بريء بالمرة في بلد آخر!

يذكر الكاتب الإماراتي عارف الخاجة في مقال من مقالاته «حكاية حدثت لصحفي عربي» في أحد المؤتمرات الرسمية في موريتانيا، فقد مل الصحفي من طعام الفندق، وتاقت نفسه لتناول طبق من المشويات، فذهب إلى أحد المطاعم، وجلس ممنيا النفس بوجبة دسمة، وحين أتاه «الجرسون» ليأخذ الطلب، قال له ببراءة:

- تكه لو سمحت.

- نعم؟!

- ت.. كه!

لم يكمل الصحفي «المقرود» عبارته حتى انهالت عليه الصفعات من كل جانب، من «الجرسون» وصاحب المطعم وباقي العاملين فيه، كما انضم إليهم مشكورين باقي زبائن المطعم، كل يبذل ما في وسعه وفي حدود المستطاع لتعليمه الأدب، ولسبب بسيط ومنطقي للغاية، فمعنى كلمة «تكه» بالموريتاني هي... «المؤخرة»!

معلومة أخرى من نفس المقال تذكر أن كلمة «بعبوص» أعزكم الله، كلمة محترمة في تونس، وهي تعني الدور أو الطابور، ومعنى ذلك أن المواطن المحترم والصالح هناك هو الذي يلتزم ببعبوصه تماما، لا يتقدم عنه خطوة ولا يتأخر، ويحترم في الوقت ذاته بعابيص الآخرين فلا يتعدى عليها أبدا!

وقبل مدة... شاهدت قناة عراقية تعرض تحقيقات للشرطة مع بعض المخربين، وقد وردت كثيرا كلمة «فرهود» التي عرفت فيما بعد أنها تعني «لص»، وأظن أن هذه الكلمة تحمل معنى مختلفا تماما في الكويت، فقد كان لدينا لاعب كرة يد قديم اسمه «الحلو فرهود» كان من نجومي المفضلين ولم يخطر في بالي المعنى العراقي أبدا!

أما في المغرب، فإياك أن تقول لأحد: «الله يعطيك العافية» لأنك ستسمع منه ما لا يرضيك، فالعافية عند المغاربة هي النار، فلا تعجب إن جاءك الرد: «عافية تشتعل فيك إن شاء الله»!

وفي اليمن، وأرجو ألا تكون هناك في هذه الأيام، لا تغضب إن قال لك أحدهم إنك غبي، فالكلمة لا تعني سوى أنك غريب عن المكان، فإن سئلت: «قدك غبي؟» فأجبه بنعم «أنا غبي عن هذا المكان»!

ويروي الأستاذ أحمد عسيري عن موقف حصل لأستاذ مصري كان يبحث عن دار ليستأجرها في أحد أحياء مدينة أبها السعودية، فعندما التقى وصاحب الدار سأله المعلم عن الأجر الشهري. فقال المالك (براسك) فكادت تقع معركة بين الاثنين، فقد فهم المعلم أن صاحب الدار يهينه، إذ كيف يأخذ رأسه مقابل سكناه، وحينها تدخل أهل الحي وشرحوا للمعلم أن المقصود بكلمة (براسك)، أي أنت أجرتها، وهو تكريم لك وليس إهانة كما تتصور فضحك المعلم واعتذر واستأجر الدار!

أما الفنان أحمد بدير، ففي مسرحيته «دايرشو» التي عرضها في السودان يسخر من كلمة «يعرس» وتعني «يتزوج» باللهجة السودانية فيقول: «دا أنا لو قلت في مصر أني «معرس» حيدبحوني!».

وهناك حكاية طريفة ذكرها لي أحد الأصدقاء عن المرة الأولى التي سافر بها إلى إسطنبول، فقد دخل إلى مصنع كبير وجلس ينتظر في مكتب صغير يطل على بعض الفتيات العاملات في المصنع، واللواتي كن ينظرن إليه ويبتسمن، فأصابته النشوة والفرح، واقترب منه أحد العاملين هامسا له بلغة عربية مكسرة وهو يبتسم:

- قحفه؟

- هااا

- قحفه.. بدك قحفه؟

-أوكي

- حلوة؟

- أوكي

بعد دقائق... عاد الرجل وهو يحمل صينية عليها فنجان من القهوة، وقال: «تفضل.. القحفه الحلوة»! حمدا لله أنه لم يتهور، فقد شطح به الخيال عن معنى الكلمة بعيدا... بعيدا جدا في واقع الأمر!