حادثة جارتي العاهرة التي تسكن في مدخل الشارع المؤدي الى مسكني بأتاوا في كندا أثارت بداخلي متشابهات لا حصر لها وهي بالتأكيد متشابهات في أكثر من مكان سواء كبر أم صغر.

Ad

قبل سنوات، سكنت في أول الشارع جارة في منتصف العمر لديها فتاة شابة وبلا رجل في البيت، ولكن البيت كان دائما يحتفي برجال غرباء من أجناس مختلفة. وتبدأ ضجة الرجال والجارتين كل ليلة من أول الليل حتى ساعة متأخرة منه ترتفع أصوات الموسيقى والغناء ويحاول الجيران تمالك أعصابهم ليتأقلموا مع الوضع المريب، فلم تبد من الجارة اي محاولة ايذاء حقيقية وانما ازعاج لا مبرر له.

في أحد أيام الشتاء تعطلت سيارتي أمام منزلها واحتجت لمساعدة وبدأت أتصل بأحد الأصدقاء، وحين رأتني الجارة طلبت من أحد الرجال في الداخل أن يخرج من بيتها ليساعدني، كان الرجل وبالرغم من القساوة التي تبدو على ملامحه طيبا ومؤدبا، وأنهى مشكلة سيارتي وودعني بأدب، وربما بسبب هذه الحادثة لم أكن مشاركا للجيران الذين وصل الأمر بهم الى ذروته تلك الليلة الصاخبة وطلبوا الشرطة التي أنذرت المرأة بألا يتكرر منها ما فعلته. ومضت ليال هدأ فيها كل شيء واختفى الرجال الذين يجتمعون أمام المنزل وتوقفت أصوات الموسيقى والغناء وأصبح كل شيء رتيبا حتى الملل.

بعد عدة ليال وفي ليلة صيفية عاد كل شيء الى وضعه السابق وعادت الجارة الى عاداتها السابقة فأصبح عدد الرجال أكثر من ذي قبل وصوت الموسيقي أعلى ولم تتوقف الفتاة عن الرقص أمام المنزل.

في الصباح توقفت مجموعة من سيارات الشرطة أمام المنزل وشاحنة نقل عفش وطلبت الشرطة من السيدة مغادرة الحي فورا، ولم يمض اليوم حتى كان الجوار خاليا من الجارة المزعجة ليعود الهدوء لنا. كان ازعاج الجارة بالنسبة لي شخصيا غير ذي أهمية ربما لأنني الأبعد في السكن عنها، لكنها بالتأكيد كانت تزعج نوم الموظفين وطلبة المدارس والأطفال بالقرب منها.

بعد شهر أو أكثر سكن البيت رجل لديه شابان في العشرينيات يثير منظرهما الرعب. لم يبق من ملامحهما ما يدل على نضارة الشباب، وفي وجه أحدهما أثر طعنة سكين من نهاية الأذن حتى أول الفم، يجتمع إليهما كل يوم مجموعة من الشباب ليسوا أقل منهما اثارة للرعب، عرفنا في ما بعد أنهما يوزعان المخدرات ويحتميان بعصابة أكبر منهما وأكبر من قدرة الجيران على التقدم بشكوى ضدهما. وأشاع البعض بأن الشرطة نفسها تعمل على حمايتهما.

بدأ أبناء الحارة يأخذون الطريق الأبعد حتى لا يحتكوا بهما ويغلق الجيران بيوتهم وكأن ما يجري في الشارع لا يعنيهم. يتوددون للأب في كل مصادفة دون أن يجرؤ أحد على أن يشكو له ابنيه. كان الجميع يعلم أن الشكوى هذه المرة ستدخل الشاكي طرفا في صراع معهما هو في غنى عنه. فقرر السكان أكثر من مرة أن يتركوا شكوى في بريد البوليس ولكن ذلك لم يكن كافيا لإدانتهما. وكل ما باستطاعتنا عمله هو الترحم على أيام الموسيقى والجارة العاهرة ورجالها الطيبين.